إعداد إسماعيل أبوبكر المحجوبي و جمال أحمد بادي
يتناول البحث قانون تنظيم عمل الأحزاب السياسية في ليبيا رقم 29، والذي صدر عام 2012م وفي مرحلة تحول ديمقراطي، وكان أول قانون يصدر بالدولة الليبية منذ استقلالها.
تعرض البحث لأهم مضامين هذا القانون من حيث تعريفاته لمفهوم الحزب السياسي وتأسيسه والشروط والضوابط والجهة المكلفة بإصدار تصاريح لممارسة النشاط السياسي للحزب، وأنشطة وأهداف الحزب ومصادر تمويله، وانتهاء بالنتائج والتوصيات التي نأمل أن تأخذ طريقها إلى المؤسسة التشريعية الليبية بغرض معالجة الخلل الذي تواجد بالقانون.
لذلك شكل عصب التداول السلمي للسلطة المرتكز على التعددية والمشاركة السياسية التي أقرها الإعلان الدستوري، وما زاد الأمر تعقيدًا على السلطة التشريعية الجديدة أنه لم يكن هنالك مرجع دستوري أو قانوني ليبي بالسابق يمكن الاستفادة منه في هذا الشأن.
الجزء الأول
مقدمة:
جاء قانون تنظيم الأحزاب السياسية رقم 29 لسنة 2012م في الوقت الذي تستعد فيه ليبيا لمرحة تحول ديمقراطي بخوص أول انتخابات تشريعية بمشاركة كافة المكونات السياسية المشاركة بفاعلية في ثورة فبراير، أو التي لم يكن لها أي دور بارز فيها، مما دل على تسامح النظام السياسي الجديد الذي كان يسعى لترسيخ مبادئ المشاركة السياسية، والتداول السلمي للسلطة، ولقد سمح الإعلان الدستوري بحرية العمل السياسي الحزبي، مع اشتراطه سنّ قانون ينظم عملها وتأسيسها.
، وتهتم الدراسة بتسليط الضوء على التفاصيل والأحكام والضوابط والشروط القانونية الواجب مراعاتها أثناء ممارسة النشاط السياسي للحزب، حيث وضع القانون الأسس والأطر التي تعمل بداخلها الأحزاب السياسية، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات.
من هذا المنطلق سوف تستعرض الدراسة القانون مع إبراز الإيجابيات والسلبيات التي كان لها أثر على إجراءات تأسيس الأحزاب، وتنظيم نشاطها السياسي، وأهم ما يمكن أن يبرز هنا أنه لا توجد قاعدة دستورية أو تجربة سياسية أو قانونية أو إدارية تنظيمية سابقة منذ تأسيس الدولة الليبية. ويعتبر القانون سالف الذكر أول قانون ينظم العمل السياسي الحزبي.
المشكلة تحت الدراسة
مع تغيير النظام السياسي الذي كانت أهم أهدافه تأسيس تحولا ديمقراطيا مرتكزا على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة بمشاركة أبناء الشعب الليبي دون استثناء، وبرفع الحظر الذي كان مفروضا طيلة العقود الماضية عن تشكيل الأحزاب السياسية، ومع ضيق الوقت وقرب موعد الاستحقاق الانتخابي الأول “انتخاب المؤتمر الوطني العام”، والتي كان من المقرر لها أن تجري في يونيو لسنة 2012م، وبمشاركة كافة الأحزاب والكيانات السياسية التي تشكلت حديثا.
وبعد التداول بين المكونات السياسية داخل جلسات المجلس الوطني الانتقالي المؤقت “السلطة التشريعية”، وفي شهر ماير لسنة 2012م صدر القانون رقم 29 كأول قانون ليبي يختص بتنظيم عمل الأحزاب السياسية، مما يشير لقلة الخبرة السياسية والقانونية للنخب السياسية التي تولت قيادة التغيير السياسي الحاصل.
من هنا تتمحور إشكالية الدراسة، ويمكننا أن نطرح التساؤلات الآتية:
هل صدر قانون تنظيم الأحزاب السياسية بالتوافق مع أحكام الإعلان الدستوري المؤقت؟
وهل احترم القانون مبادئ التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة؟
وهل نظم القانون عمليات تأسيس الأحزاب السياسية بما يضمن سلامة نظامها وناشطها؟.
هذا ما سيتم تناوله من خلال البحث بالتحليل من أجل تقييم القانون.
منهجية الدراسة
اعتمدت الدراسة المنهج التحليلي والمنهج المقارن انطلاقا من الفقه والقانون الدستوري، والنص الدستوري الذي نظم عمل الأحزاب السياسية من حيث التأسيس والنشاط والنظام العقابي الذي تخضع له، ونظرا لكون الأحزاب السياسية كانت محظورة خلال فترات أنظمة الحكم السابقة. وسيتم الإشارة إلى قوانين منظمة لعمل الأحزاب السياسية في دول أخرى بما تتطلبه الدراسة في كل موضع.
محاور الدراسة:
تم تقسيم الدراسة بما يضمن التسلسل المنطقي لمحاور أي عملية إصدار للقوانين التي تنظم العمل للأحزاب السياسية، حيث قسمت الدراسة إلى ثلاثة مباحث كما يلي:
المبحث الأول: الحزب السياسي وتأسيسه
بتناول هذا المبحث ما نص عليه القانون الليبية رقم 29 لسنة 2012م من تعريف وتحديد لماهية الحزب السياسي، وأحكام التأسيس.
المطلب الأول: تعريف الحزب السياسي في قانون تنظيم الأحزاب
تعتبر الأحزاب السياسية بشكلها ومحتواها الجماهيري المنظم ظاهرة حديثة نوعا ما، حيث ترجع جذورها التاريخية إلى أواخر القرن التاسع عشر، وأما كظاهرة حزبية بمعناها السياسي فتمتد جذورها التاريخية إلى أبعد من ذلك. وربما يمكن القول بأن نشأتها ونموها وتطورها كان مرافقا لنشأة ونمو وتطور الظاهرة السياسية في حد ذاتها، حيث أكدت الوقائع أنه لا يوجد نظام للسلطة إلا وكان له مؤيدون ومتحزبون معه.
وبالمقابل كان هناك معارضون ومتحزبون ضده، وبعض النظر عن حجم من هو مؤيد أو من هو معارض فهي حقيقة ثابتة. فالأحزاب بصورتها الحديثة لم تظهر إلا مع ظهور حق “الاقتراع” وتطورت الأحزاب السياسية بتطور هذا الحق. إذن هي وليدة الديمقراطية، وعلى الأخص الإقتراع العام بما يتطلبه من تنظيم وتعبئة للجماهير.
نشأة الأحزاب السياسية كان نتيجة للعديد من العوامل المعقدة، بعضها خاص بالدول وبعضها عام، فأما الخاص منها: إدراج القوانين العرفية والتاريخ والمعتقدات الدينية والتركيبات العنصرية والصراعات القومية وغيرها من الخصوصيات، وأما العامة فيمكن إدراجها في ثلاثة مسارات رئيسية، هي المسار “الاجتماعي والاقتصادي”، والمسار “الأيديولوجي”، والمسار “التقني”.
ليس من مهام المشرّع ذكر التعريفات التفصيلية للمواضيع التي تتناولها التشريعات بالتنظيم، بسبب ما قد يتخللها من المآخذ والسلبيات، من حيث الثغرات في دقة الصياغة التي قد تصبح غير مواكبة للتطور الذي يمكن أن يحصل بمرور الزمن، بل تترك تلك المهمة للقضاء والفقه الذي يقوم باستعمال المصطلحات التي يصعب من خلال الطعن فيها بالتأويل وغيرها من الثغرات القانونية المحتملة.
ولكن المشرع قد يلجأ في بعض الأحيان إلى تحديد المقصود من المصطلحات التي سوف يرد ذكرها بالتشريع المعني، لأهميتها أو تنوعها وتباينها بالمعاني والمفاهيم بهدف تحديد المفهوم المقصود والمراد تطبيق أحكام تشريعية عليه. هذا ما دفع المشرع الليبي في قانون تنظيم الأحزاب السياسية، وبالمادة الأولى منه التي نصت على أن كل إشارة لمصطلح “لجنة” تعني لجنة شؤون الأحزاب، وكل إشارة لمصطلح “وحده” تعني وحدة المراقبة والمراجعة المالية.
وذكرت المادة الثانية تعريفا للحزب “الحزب هو كل تنظيم سياسي، يتألف باتفاق بين جماعة من الليبيين، يؤسس وفقا لأحكام هذا القانون، ويدير نشاطه بشكل علني بالوسائل السلمية بهدف الإسهام في الحياة السياسية، لتحقيق برامج محددة ومعلنة تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بقصد المشاركة في مسؤوليات الحكم وتدوال السلطة وفقا لقانون الانتخابات العامة. من هنا يتضح أن المشرع قام بتحديد المفهوم المقصود ويريد تطبيق الأحكام التشريعية عليه.
ومن هنا وجب إجراء مقارنة بين تعريفات وردت بعدد من قوانين تنظيم الأحزاب السياسية لبعض دول الجوار ومنها، ورود تعريف الحزب السياسي بقانون تنظيم الأحزاب السياسية بالمملكة المغربية. “الحزب السياسي هو تنظيم سياسي دائم، يتمتع بالشخصية الاعتبارية، طبقا للقانون بمقتضى أشخاص ذاتيين، يتمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية، يتقاسمون نفس المبادئ ويسعون على تحقيق نفس الأهداف.
وكما ورد تعريف الحزب السياسية بقانون تنظيم الأحزاب السياسية بالجمهورية الجزائرية، “الحزب السياسي هو تجمع مواطنين يتقاسمون نفس الأفكار، ويجتمعون لغرض وضع مشروع سياسي مشترك حيز التنفيذ للوصول بوسائل ديمقراطية وسلمية إلى ممارسة السلطات والمسؤوليات في قيادة الشؤون العامة”. وجاء تعريف الحزب السياسي في قانون تنظيم الأحزاب السياسية الأردني “كل تنظيم سياسي مؤلف من جماعة من الأردنيين يؤسس وفقا لأحكام الدستور، وهذا القانون بقصد المشاركة في الحياة السياسية وتحقيق أهداف محددة تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويعمل بوسائل مشروعة وسلمية”.
تتعدد وتختلف تعريفات الأحزاب السياسية، وهدف النظم السياسية واحد ألا وهو السماح بتشكيل الأحزاب السياسية، وبالنسبة لأعضاء الأحزاب السياسية الهدف هو البقاء بالسلطة أو السعي للوصول للسلطة أو المشاركة فيها والتأثير على مراكز صنع القرار. من هنا نرجع للتعريف الذي وضعه القانون موضوع الدراسة بأنه كل تنظيم سياسي مكون من مجموعة من أبناء البلد يكون تأسيسه تحت مظلة القانون، ولم يذكر الإعلان الدستوري لكونه النص الدستوري لكون الأحزاب السياسية أحد مؤسسات النظم السياسية الديمقراطية، ولكنه ذكر علنية التأسيس وسلمية وديمقراطية الوسائل، والهدف المراد الوصول إليه، ونفهم منها إلزامية تقديم الأهداف والمبادئ الخاصة بالحزب للشعب لغرض اختيار الأصلح.
ولقد اتفقت القوانين بالمغرب وليبيا والأردن على أن تأسيس الأحزاب السياسية يكون وفق أحكامها، وتميز قانون الأحزاب السياسية بالمملكة الأردنية بتأكديه على الرجوع لأحكام الدستور الأردني أيضا، واختلف قانون الأحزاب السياسية الجزائري عن باقي القوانين بعدم تأكيده بالرجوع إلى أحكام القانون المنظم والدستور أيضا. من خلال النظر لهذه التعريفات يمكننا الإشارة واستنتاج تعريف خاص بالباحث هو: أن “الحزب السياسي عبارة عن تنظيم يجمع مجموعة من الأفراد بالمجتمع، والعمل سياسيا بهدف تحقيق المصالح العليا للدولة، وبشكل دائم مستمر، ووفقا لمبادئ وأهداف وتوجهات وأيديولوجية خاصة تؤمن بالتعددية، والسعي بكافة الوسائل السلمية وعبر القنوات الديمقراطية للوصول للسلطة، أما المشاركة فيها من خلال ممثلين عنهم بالانتخاب أو بالتعيين”.
ويعني ذلك أن تجتمع مجموعة من أبناء الوطن الواحد لها رغبة في ممارسة العمل السياسي، وأن ترتكز أهدافها بما يحقق المصالح العليا للدولة لا لخدمة مصالحهم الفئوية الضيقة أو القبلية المقيتة، تحكمهم هيكلية تنظيمية لها قيادة سياسية، ونظام أساسي، ومبادئ وأهداف وأيديولوجية معلنة مع إيمانهم بالتعديد السياسية واحترام الرأي الآخر، والتقيد بمبدأ التداول السلمي للسلطة ونبذ العنف، والتعبير عن مساعيهم بالوسائل المتاحة عبر قنوات التحول الديمقراطي، وأهمها:
ـ انتخابات نزيهة وشفافة تقبل نتائجها،
ـ وإعداد البرامج التنموية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وطرحها على الشعب لحرية الاختيار دون التأثير عليه عبر القنوات غير القانونية،
ـ وتأهيل وتنشئة جيل قيادي يكون جاهزا لتولي مسؤوليات القيادة السياسية بمختلف مستوياتها.
ومن هذا التعريف نستنتج أن الحزب هو جزء من الكل، وشكل بحكم مبدأ التعددية السياسية، وفي الوقت نفسه الجزء الذي يسعى لتحقيق المصالح الكلية للوطن الواحد.
المطلب الثاني: المبادئ الأساسية لتأسيس الحزب السياسي
إن حرية تأسيس الأحزاب السياسية، أحد الركائز الأساسية للنظم الديمقراطية. فالديمقراطية قوامها الحرية، ومن متطلباتها لنفاذ محتواها تعدد حزبي يكون ضرورة الأسهام في تكوين أرادة شعبية لها القدرة على نشر الوعي السياسي بحرية تامة. ولقد نصت المادة الرابعة من الإعلان الدستوري المؤقت الليبي على إقامة نظام سياسي مدني ديمقراطي مبني على العددية السياسية والحزبية بهدف التداول السلمي الديمقراطي للسلطة.
ونصت المادة الخامسة عشرة على حرية تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات وسائر منظمات المجتمع المدني، واشترطت تكوينها بصدور قوانين تنظمها، ولا يجوز إنشاء جمعيات سرية أو مسلحة أو مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة وغيرها من التنظيمات التي تضر بوحدة التراب الوطني الليبي.
يعتبر الإعلان الدستوري أو دستور ليبي يسمح بتشكيل الأحزاب السياسية، وتعد حرية تأسيس الأحزاب السياسية، إحدى وأهم الدعامات الأساسية للنظم الديمقراطية. وتقلد السلطة بالطرق الديمقراطية التي لا تخالف الدستور والقوانين النافذة والمنظمة لها، على أن تلتقي بعنصر مشترك هو الوصول للسلطة.
لذا نجد أن نصوص معظم الدساتير تمنح حرية تأسيس الأحزاب السياسية والإنظمام إليها ضمن الحقوق والحريات الإنسانية الأساسية التي يتم إدراجها بنصوص دستورية وجب إحترامها، وهذا ما تم إدراجه بالإعلان الدستوري الليبي بنص المادتين الرابعة والخامسة عشرة.
أما بخصوص حق تأسيس الأحزاب السياسية والإنضمام لها في الحالة الليبية فنجد أن المادة الثالثة قد نصت على منح الحرية الكاملة لكل مواطن ليبي لتأسيس حزب سياسي، أو الإنتساب إليه، مع اشتراط عدم الإزدواجية أو الإشتراك في أكثر من حزب في الوقت ذاته. وكما نصت المادة السادسة على منع وحظر منتسبي الهيئات العسكرية “القوات المسلحة” ومنتسبي الهيئات المدنية المنظمة “قوات الأمن العام وأجهزتها، الشرطة والجمارك”، وأعضاء الهيئات القضائية، “قضاة وأعضاء النيابة العامة” من الإنتماء إلى الأحزاب السياسية.
ويعتبر هذا المنع مقبولا لكونه معمولا به في معظم قوانين تنظيم الأحزاب السياسية لعدد كثير من الدول. وأما بخصوص المساواة بين الأحزاب السياسية من جميع النواحي السياسية والقانونية فلقد نصت المادة السابعة على أنها جميعا متساوية بضمان القوانين والتشريعات المعول بها بالدولة الليبية وعلى رأسها القانون المنظم لها.
هنا سوف نعرض المحظورات التي تضمنتها المادة التاسعة، والتي لا تخلو القوانين المنظمة لعمل الأحزاب السياسية منها: يحظر على الحزب السياسي إقامة التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية أو حتى دعمها، ومنع استخدام الأساليب العنيفة بكافة أشكالها، وأما الجانب الإعلامي الموجه فألا تتضمن برامجه أو نشرته أو مطبوعاته كل ما من شأنه التحريض على العنف والكراهية وإثارة الفتنة داخل المجتمع، وبما أن المجتمع الليبي يتصف بأنه إسلامي، ولا توجد به ديانات أخرى فإن الحظر انحصر في الأمور التي توجد بها مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية.
وبالتالي كان من الواجب على المشرّع توضيح مواطن المخالفات التي يمكن أن تحدث خلال مراحل التحول الديمقراطي التي تشهدها البلاد. وترك لتقدير بعض الجهات، مما يفتح الباب للنقاش والنزاع مثلا حول تعريف مصطلح العلمانية “ومبدأ فصل الدين عن الدولة”.
من خلال تحليل النصوص السابقة نخلص إلى الملاحظات الآتية:
ـ رفعت السلطة التشريعية الحظر المفروض على تأسيس وتشكيل الأحزاب الذي كان مفروضا عليها.
ـ منع الدستور الليبي “الإعلان الدستوري المؤقت لسنة 2012م”، ومع بداية المرحلة الإنتقالية الثانية، حرية تأسيس الأحزاب السياسية.
ـ صدر عن السلطة التشريعية القانون رقم (29) بشأن تنظيم عمل الأحزاب السياسية التي تشكلت بموجب الإعلان الدستوري، والذي جاء لترسيخ الصبغة الدستورية والقانونية لها.
ـ منح القانون كامل الحرية لكافة المواطنين الليبيين دون تمييز بين كافة المكونات الثقافية داخل المجتمع، وكذلك لم يمنع أنصار النظام السابق من حقهم في المشاركة السياسية بالنظام السياسي الجديد.
ـ حظر الإعلان الدستوري والقانون المنظم، إقامة الحزب السياسي على أيديولوجية دينية معينة أو إقامة تشكيلات مسلحة.
ـ حظر ومنع منتسبي القوات المسلحة ومنتسبي قوات الشرطة والجمارك ومنسبي الهيئات القضائية من الإنتماء للأحزاب السياسية.
المطلب الثالث: أحكام تأسيس الحزب السياسي
بداية لابد لنا من الإشارة إلى الجهة التي أوكل لها مهمة الإشراف ومنح تصريح ممارسة الأحزاب السياسية لنشاطها السياسي، وجاءت المادة العاشرة لتوضح تبعية اللجنة “لجنة شؤون الأحزاب”، وبالتالي من يحق له دستوريا تشكيلها، حيث نصت المادة صراحة على أن تكون تبعيتها إلى إدارة القانون التابعة للمجلس الأعلى للقضاء التي هي تتبع وزارة العدل.
بناء على القرار رقم (29) لسنة 2012م بشأن تشكيل لجنة شؤون الأحزاب السياسية والصادر عن وزير العدل، والذي نصت مادته الأولى على تشكيل لجنة تتكون من رئيس وأربعة أعضاء قانونيين، منهم ثلاثة برتبة مستشار. وإثنان برتبة أستاذ، وفي المادة الثانية: “تمارس اللجنة مهامها وفق الاختصاصات المسندة لها بقانون تنظيم الأحزاب” والمتمثلة في النظر في طلبات تسجيل الأحزاب وفحص وثائقها، للتأكد من مطابقتها للشروط المذكورة بالمادة الثامنة من قانون تنظيم الأحزاب، وبالتالي إصدار التصاريح القانونية التي تسمح للحزب السياسي بممارسة نشاطه السياسي.
كان نص المادة الأولى بخصوص توضيح معنى المصطلحات التي كان منها مصطلح “لجنة” الذي يدل على لجنة شؤون الأحزاب السياسية، وجاءت المادة الرابعة عشرة لتضع مهامها كما يلي:
ـ تقوم اللجنة بالنظر في الوثائق التي تقدمها الأحزاب السياسية بغرض إصدار تصاريح لها، مع ضرورة أن تكون منتظمة الإجراءات المنصوص عليها بالمادتين الحادية عشرة والثانية عشرة، وعلى أن تنظر في طلب الحزب في نطاق مدته خمسة أيام من تاريخه، مع إصدار شهادة لصالح الحزب السياسي لممارسة نشاطه العلني وفقا لنصوص القانون.
ـ تصدر اللجنة مذكرة توضح فيها أسباب عدم اعتماد الحزب وفقا لأحكام القانون.
ـ يحق للحزب الطعن في رفض التسجيل خلال مدة خمسة أيام أمام هيئة قضائية تشكلها المحكمة العليا لذات الغرض، وعلى المحكمة أن تبت في الطعن خلال مدة أقصاها خمسة عشر يوما.
وقد تضمن القانون عددا من الشروط التي يجب توافرها في من يحق له الإنتساب للحزب السياسي، منها نص المادة الخامسة التي اشترطت فيمن يكون عضوا بالحزب السياسي أن يكون ليبي الجنسية، متمتعا بكامل الأهلية القانونية، وأن يكون قد أتم الثامنة عشرة من عمره، ومتمتعا بحقوقه السياسية والمدنية.
لكن لم يتقيد الكثير من المؤسسين بنص المادية الحادية عشرة والتي اشترطت الإقامة الإعتيادية لمن يتقدم بطلب لتأسيس حزب سياسي، حيث أن هنالك رؤساء أحزاب سياسية لا يقيمون داخل ليبيا، كما أن لهم جنسيات أجنبية بالإظاقة للجنسية الليبية، مما يعد انتهاكا للنص القانوني من كلا اللجنتين، العضو المؤسس ولجنة شؤون الأحزاب السياسية.
وبالنظر في نصوص المواد السابقة يتضح لنا ما يلي:
ـ حدد القانون الجهة المخولة بتشكيل اللجنة والتبعية الإدارية والقانونية لها.
ـ منح الحق القانوني للطعن أمام أعلى هيئة قضائية ليبية، وهذا دليل على أهمية الإجراءات ونزاهتها.
تمتعت لجنة شؤون الأحزاب بالشخصية المعنوية والقانونية، ويمثلها شخصيات من أعلى الهيئات القضائية.
ـ لم يربط المشرع الليبي لجنة شؤون الأحزاب بالمفوضية العليا للإنتخابات حتى تكتمل الجهات الرقابية في جسم رقابي واحد يتمتع بالاستقلالية التامة عن السلطة التنفيذية، ويكون ارتباطها المباشر بالسلطة التشريعية.
ـ لم يحدد القانون الصفات التي يجب أن يتحلى بها رئيس الحزب السياسي: من حيث الجنسية والمستوى التعليمي والخبرة السياسية.
…
يتبع في الجزء الثاني بداية بـ “المطلب الثاني: المبادئ الأساسية لتأسيس الحزب السياسي“.
***
أ. إسماعيل أبوبكر أحمد المحجوبي – دارس دكتوراه بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا. كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية. قسم العلوم السياسية.
أ.د جمال أحمد بشير بادي – أستاذ بكلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا.
____________
المصدر: مجلة العلوم السياسية والقانون : العدد 21 مارس 2020 – المجلد4 – وهي مجلة دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي المانيا- برلين.
المركز الديمقراطي العربي