استنادًا إلى أبحاث إحصائية شملت 78 تحولًا سياسيًا بدأت بمقاومة لاعنيفة منذ 1945 إلى 2011، إلى جانب مقابلات شخصية وفحص متعمق لثلاث عمليات انتقالية:
انتقال البرازيل من الحكم العسكري في الثمانينيات،
وانتقال زامبيا من حكم الحزب الواحد في التسعينيات،
وانتقال نيبال من الملكية في الألفية الثانية؛
تخلُص الدراسة التي أعدها جوناثان بينكني، من «الجامعة النرويجية للتكنولوجيا والعلوم (NTNU)»، إلى أن المقاومة اللاعنيفة تحفز التقدم صوب الديمقراطية، حتى في الظروف غير المواتية.
من بين 78 عملية تحول سياسي بدأت بمقاومة عنيفة، انتهى 60 منها على الأقل بمستوى أدنى من الديمقراطية. هذه النسبة أعلى بكثير من التحولات السياسية التي استهلت باتباع أي وسيلة أخرى. هذا يعزز نتائج بحث سابق وجد أن المقاومة اللاعنيفة تمخضت عن قدر أكبر من الديمقراطية مقارنة بالمقاومة العنيفة.
وعندما تفشل الثورات اللاعنيفة في جلب الديمقراطية، يحدث هذا عادة بسبب تحديين:
التحدي الأول: التعبئة الانتقالية
غالبًا ما تتراجع التعبئة الشعبية بشكل ملحوظ بعد حدوث تقدم ديمقراطي أولي. هذه مشكلة؛ لأن إقامة الديمقراطية تنطوي على أكثر من مجرد إزالة الديكتاتور. هناك العديد من المعالم البارزة على طريق الديمقراطية، وإذا لم يكن هناك ضغط شعبي لتحقيق كل هدف؛ يمكن أن تنحرف التحولات بسهولة عن مسارها.
للحفاظ على التعبئة أثناء التحولات، يمكن تطبيق المقترحات الثلاثة التالية:
-
الحفاظ على بعض الأصوات المستقلة، التي لا تتنافس على السلطة، حتى تتمكن من مواصلة الضغط أو التصعيد من أجل التغيير الديمقراطي.
-
عدم الإفراط في الإيمان بقيادات المعارضة، والحكم عليهم–أثناء تواجدهم في السلطة– بناءً على تصرفاتهم لا تاريخهم.
-
صياغة رؤية إيجابية للمستقبل. غالبًا ما تركز الحركات المؤيدة للديمقراطية على الأهداف السلبية لتعبئة الناس ضد الطغاة، لكن بمجرد رحيل الزعيم يحتاج الناس إلى سبب لمواصلة المشاركة في المستقبل.
التحدي الثاني: تطرف الشارع
على عكس تحدي التعبئة الانتقالية، قد تلجأ الفصائل السياسية إلى تكتيكات أكثر تطرفًا لاكتساب نفوذ أكبر على المدى القصير. يمكن أن يعرقل ذلك تشكيل المؤسسات الجديدة وخلق مسار سياسي طبيعي، وغالبًا ما يؤدي إلى عودة الاستبداد إذا سئم الشعب من الاضطرابات واللايقين السياسي.
لمنع التطرف من التفشي في الشارع، يمكن تطبيق هذه المقترحات الثلاثة:
-
توخي الحذر عند استخدام تكتيكات الاحتجاج؛ لأنها إذا استخدمت لتحقيق أهداف ضيقة أو بعشوائية، فإنما قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
-
توجيه التعبئة إلى القنوات المؤسسية الجديدة؛ من أجل تطوير قواعد منتظمة للتفاعل والمشاركة.
-
عدم استبعاد كافة أعضاء النظام القديم. المساءلة عن الجرائم الماضية حق، لكن الانتقام الشامل يحرم المجتمع من الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات سياسية وقد يستعدي آخرين ضد السياسات والمؤسسات الديمقراطية الجديدة.
– إذا عولجت هذه التحديات بنجاح، ستزيد احتمالية أن يقود هذا النوع من المقاومة إلى الديمقراطية. وإلا فالعودة إلى الأنظمة غير الديمقراطية، أو التحوُّل إلى نظام هجين يمزج بعض عناصر الديمقراطية والاستبداد.
– هذان ليسا التحديين الوحيدين اللذين تواجههما التحولات السياسية بعد الثورات غير العنيفة، ومعالجتهما بنجاح لا يضمن أن يظل البلد قويًا في المستقبل إلى أجل غير مسمى، كما لا توجد وصفة بسيطة للوصول إلى الديمقراطية.
لكن إنقاذ البلد من حالة عدم اليقين خلال مرحلة الانتقال السياسي من خلال التعبئة العالية وكبح جماح تطرف الشارع كفيل بحث خطى الدولة نحو مستقبل أكثر حرية وديمقراطية.
_____________
المصدر: دراسة بعنوان “كيف تمنع الانقلابات وكيف تواجهها إذا وقعت؟” نشرت بموقع ساسة بوست