مهام الحكومة 

مهمة الجهاز الحكومي هي صناعة واتخاذ القرارات وتطبيقها، وتحديد أنجع الوسائل العملية لاتخاذ تلك القرارات، عليها أن تخضع للقانون الليبي ورقابة السلطات القضائية والتشريعية.

اتخاذ القرارات الناجحة هي العملية الضامنة لممارسة الحكم الصحيح. ولها انعكاسات هامة على جميع الإدارات والمؤسسات الحكومية، بما فيها جهاز الحكم المحلي وممارساته، وتبادل التشاور داخلها وتحديد الأدوار وخلق روح التعاون الإيجابي والتعاضد فيما بينها.

مواصفات الحكومة الناجحة:

المحاسبة والرقابة

الحكومة ينبغي أن تخضع للمحاسبة والرقابة من قبل الجهاز التشريعي والقضائي، وأن تتحمل المسؤولية على القرارات والسياسات التي تبنتها، وعليها رفع التقارير وشرح التبريرات وتحمّل المسؤولية عن النتائج المترتبة على تلك القرارات والسياسات، بحكم أنها اتخذت نيابة عن الشعب.

الشفافية

على الحكومة أن تتبنى الشفافية في طريقة اتخاذ القرارات، كيف ولماذ اتخذت؟، وتقديم جميع المعلومات والإستشارات والآراء التي أسست عليها الحكومة قراراتها، بما في ذلك التشريعات واللوائح التي استندت عليها في اتخاذ القرار.

الإلتزام بالقانون

على الحكومة إتباع القوانين والتشريعات السارية في كل أعمال الحكومة.

التجاوب مع مطالب الشعب

علي الحكومة أن تكون في جميع الأحوال رهن خدمة المواطنين وعليها الموازنة بين المصالح بما يحقق الإنصاف والعدالة بين فئات الشعب المختلفة خاصة الفئات الفقيرة والمهمشة المغلوب على أمرها، وعليها تهيئة فرص المساهمة في الحياة العامة والعيش الكريم لها.

الحكم الناجح يجب أن يكون فعالا وذا كفاءة

يجب على الحكومة أن تستفيد في مزاولة أعمالها أحسن استفادة من العناصر البشرية والإمكانيات المتوفرة لديها وتوظفها التوظيف الصحيح بما يخدم جميع فئات المجتمع.

توفير فرص المشاركة للجميع

يجب على الحكومة أن توفر فرص المشاركة في صناعة القرار والمساهمة في تنفيذها لجميع المواطنين وعلي مختلف المستويات. ويتم ذلك عن طريق الهيئات والمؤسسات المحلية، او عن طريق المجالس المحلية، أو إعطاء المواطنين الفرصة بآبداء آرائهم في السياسات والمشاريع التي تهم أو تنفذ في مناطقهم وإجراء الإستفتاءات وإستطلاعات الرأي حولها.

مبادىء عامــة

  • قِيَم الوطن وهموم الوطن ومصلحة الوطن وخدمة الوطن وسلطة الوطن هي أعلى مما عداها، وهي فوق الجميع.

  • تسعى الحكومة الى توفير القيادة الصالحة القادرة علي تسيير دفة الأمور بحكمة وسلاسة وعدالة، دون أي اهتمام لاعتبارات حزبية أو جهوية أو مصالح ضيقة من شأنها أن تعرقل مسيرة الوطن أو تحيد بها عن مسارها الحقيقي.

  • الحكومة الناجحة تكون على استعداد للتعاون مع جميع الأطراف المعنية – الوطنية والدولية – التي تسعى إلي تحديد المواصفات والمباديء – وليس الأشخاص ـ والتي من أجلها رسم هوية حكومة وفاق وطني حقيقي يمثل كل القوى السياسية والشعبية القائمة في المشهد الليبي.

  • الحكومة قائمة أصلا وقبل كل شيء من أجل خدمة المواطن في كل المجالات، وتوفير الراحة له وتسهيل كل سبل الحياة الممكنة – الإقتصادية والتعليمية والترفيهية وتوفير أمنه وأمن أهله وأولاده.. وارساء العدل والأمن لجميع المواطنين وتوفير فرص العيش الرغيد لهم في جميع ربوع الوطن.

  • الأصل أن الحكومة ليست طرفا في الصراع القائم حاليا في البلاد. وأن ترتفع فوق كل الفروق والخلافات والصراعات التي يريد البعض أن تستعر نارها وتزداد بل هي وسيط خير يسعى بالتقريب والمصالحة وحل النزاعات التي تنشأ بين مخلتف الفرق.

  • الحكومة عليها أن تدعو الجميع الى نبذ الخلاف وتغليب مصلحة الوطن والعمل على التوصل الى حلول توفر – في مجملها – لكل المواطنين ما يسعون اليه. ولن تتعافى ليبيا ولا تتقدم إلا بوجود الإستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي والتكافل الإجتماعي، وأن يعيش الليبييون إخوانا يتوقفون عن الحقد والكراهية لبعضهم لبعض، وأن يحترم كل منهم حقوق غيره وكرامتهم.

  • الحكومة ينبغي أن تملك الكفاءة والقدرة على أن تشكل قيادة أمينة وفريقا متناسقا يتمكن من العمل سويا للتغلب على ما تراكم من المشاكل الضخمة ومخلفات الفشل والإهمال والفساد التي خلفتها السنوات السابقة.

ليبيا تعاني من كارثة حقيقية تتمثل في فشل – بل فقر في القيادة.

لقد افرزت السنوات السابقة نماذج قزمية لا تعرف إلا المصالح والقيم الوطنية. فقسموا البلاد الى اقطاعيات ودويلات وهمية تخضع لسطانهم بالقوة. وأفرغوها من كل المؤسسات والخدمات، وأحالوها الى فراغات شبه خالية تماما من إمكانيات التطور والتقدم. فاضحت ليبيا أرضا وشعبا بلا حكومة ولا قوة سيادية شرعية تنظّم شؤون البلاد والمواطنين وترعى ثراوتهم وتحفظ مصالحهم وممتلكاتهم.

لقد أوشكت ليبيا أن تصبح فضاءا غير قابل للحكم.

ومن هنا فقد اصبح واجبا علينا جميعا أن نوفر هذه القيادة. وعلى القيادة أن تكون قيادة جماعية، تعامل المواطنين بمعيار واحد أساسه المساواة بين جميع أبناء الوطن، وتهدف الى تحقيق حلول متوازنة لما ينشأ بينهم من نزاعات وخلافات. وتقوم على العدل المساواة في توزيعها للثروة فيما بينهم كما تساوي بينهم في الحقوق والواجبات والحريات.

إن أهم أولويات الحكومة هي:

  • تفعيل القانون وضمان حرية المواطنين وأمنهم،
  • وتحريك عجلة الإقتصاد وتوفير السيولة المالية للمواطنين،
  • والإلتفات إلي حاجات المواطنين من تعليم وصحة وكهرباء ومياه،
  • وتشجيع القطاع الخاص ليقوم بدورة الفاعل في الدفع بالنمو الإقتصادي،
  • وتوفير فرص العمل وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.

أما في الشؤون الخارجية فعلى حكومة ليبيا أن تكون لها سياسة خارجية مستقلة تعكس صورة الوطن الحقيقية. سياسة مفتوحة على جميع دول العالم من أجل الإخاء والتعاون وتبادل المصالح المشتركة، وتحقيق السلام والوئام بين جميع دول العالم.

إن البلاد في حاجة ماسة الى أصوات – رموز وطنية تبعث في الناس الأمل، وتهدّي من عواصف العنف والفوضى، وتتمكن من انتزاع مصير البلاد والشعب من مخالب الجشع والفساد، ويكونوا نورا يهتدي بهم الناس في قيادة سفينة الوطن الى مرفيء السلام.

____________

المصدر: من ملف “أوراق بيضاء” للأستاذ عاشور الشامس

مقالات مشابهة