التحزب للرأي أو الفكر أو الرؤية السياسية الواحدة هو في حقيقته أعلى مراتب التحضر، وأرقى تجسيد للنضج السياسي للمواطنين في أي مجتمع ديمقراطي متقدم.

أن هذه الظاهرة ليست مجرد ظاهرة صحية وإيجابية فحسب، بل هي قبل ذلك ظاهرة واقعية لا يجدي تجاهلها أو التنكر لها.

من الأفضل لسلامة التعايش السلمي بين أفراد المجتمع أن يعترف النظام السياسي بهذه الظاهرة، فينظم وجودها ويضع المعايير الضرورية لممارستها بطريقة سلمية، حتى لا يؤدي اختلاف المواطنين في الرأي والفكر إلى الصراع والاستقطاب العنيف فيما بينهم، ومن ثم ينعكس ذلك الصراع سلباً على استقرار أوضاع المجتمع ومسيرة تطوره وازدهاره.

هذه الظاهرة تحتم علينا أن يكن لدينا في العلن عدد من الأحزاب تتحاور وتتنافس سلميا وحضاريا، كما هو موجود في أرقى المجتمعات الديمقراطية المتحضرة.

إن أول وأهم الخطوات في مسيرة التحول والبناء الديمقراطي بتبني آلية التعددية الحزبية والدفاع عن مشروعيتها وأهميتها.

ذلك هو الحل السحري لحسم الصراع بين التيارات السياسية حول مستقبل ليبيا، ولعله من المناسب في هذه المرحلة أن يرفع الحصار عن مصطلح الحزبيةوأن يتم تأثيم وتجريم شعارات من تحزب خانو الحزبية اجهاض للديمقراطية“.

ورغم أن العديد من المتصدرين للمشهد السياسي وصلوا إلى المواقع السيادية، والقيادية عبر التحلفات القبلية والجهوية، وربما الحزبية، لكنهم لا يملكون الجرأة للإعتراف بهذه الظاهرة والقبول بها، والتي لم يعد بالإمكان تجاهلها إو انكارها.

___________

مقالات مشابهة