أثار تصويت مجلس النواب الليبي على التعديل الدستوري الثالث عشر الذي يتعلق بتحديد شكل نظام الحكم وتوزيع السلطتين التنفيذية والتشريعية في الدولة واختصاصاتهم ردود فعل متفاوتة في الأوساط الليبية، حيث اعتبر هذا التعديل بديلاً لـ»القاعدة الدستورية» التي اختلف عليها مجلسا النواب والدولة لأشهر طويلة.

واتهم العديد من المتتبعين مجلس النواب بالمماطلة والإطالة في عمر الأزمة، مستبعدين أن يكون هذا التعديل تمهيداً للانتخابات، فيما رحب بعض النواب به موضحين أنه سيكون كفيلاً بحل أزمة طالت لسنوات ولو بشكل مؤقت .

نص التعديل..

وجاء التعديل في 34 مادة بشأن نظام الحكم، الذي يتألف، وفق المادة الأولى، من سلطة تشريعية مكونة من غرفتين وسلطة تنفيذية يترأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب، بالإضافة إلى مواد متعلقة بالأحكام الانتقالية والمرأة.

وحسب التعديل الثالث عشر، فإن السلطة التشريعية ستكون تحت مسمى مجلس الأمة وتتكون من غرفتين؛ الأولى هي مجلس النواب يكون مقره بنغازي، والغرفة الثانية هي مجلس الشيوخ ويكون مقره طرابلس.

كما يحدد التعديل الاختصاصات التشريعية للمجلسين وطريقة وشروط الترشح والانتخابات الخاصة بهما.

ويرأس السلطة التنفيذية رئيس منتخب مباشرة من الشعب يكلف رئيساً للوزراء أو يقيله. ويحدد التعديل اختصاصات السلطة التنفيذية ومهامها وطريقة مساءلتها ومحاسبتها.

ونصت المادة (31) من التعديل الدستوري على حكم انتقالي بشأن انتخابات مجلس الأمة ورئيس الدولة والتي تنص على أن تجري العمليتان خلال مدة أقصاها 240 يوماً من دخول قوانين الانتخابات حيز التنفيذ، وفي حال تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية لأي سبب كان تعتبر كل الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية كأن لم تكن.

وحسب التعديل يفترض قبل ذلك أن يجري تشكيل لجنة من 12 عضواً بواقع 6 أعضاء من مجلس النواب ومثلهم من مجلس الدولة للتوافق بأغلبية الثلثين من أعضاء كل مجلس لإعداد قوانين الاستفتاء والانتخابات، وفي حال عدم التوافق على النقاط الخلافية تضع اللجنة آلية لاتخاذ قرار بشأنها يكون نهائياً وملزماً وتحال إلى مجلس النواب لإقرار القوانين وإصدارها كما توافق عليها دون تعديل.

ونصت المادة (32) على أن يضمن أي نظام انتخابي نسبة 20% من مقاعد مجلس النواب للمرأة مع مراعاة حق الترشح في الاقتراع العام. وألزمت المادة (33) كافة المسؤولين وأعضاء المجلسين بتقديم إقرارات الذمة المالية لهم وأزواجهم وأولادهم القصر.

وبشكل عام، فقد حددت المادة الثالثة تكوين مجلس النواب شروط الترشح لعضوية مجلس النواب، والمادة الرابعة حددت مناقشة مشروعات القانونين ومقترحاتها والمادة الخامسة بعملية الاستجواب لرئيس الوزراء والوزراء.

أما المادة السادسة فحددت تكوين مجلس الشيوخ، والمادة السابعة شروط الترشح وانعقاد جلساته، والمادة الثامنة اختصاصاته.

المادة التاسعة أشارت إلى تشكيل لجنة مشتركة من المجلسين في حالة الخلاف للعمل على حله، والمادة العاشرة حددت دور مجلس الشيوخ الاستشاري على مشروعات القوانين التي يحيلها إليه مجلس النواب.

آراء متفاوتة ..

في تصريح لـ»القدس العربي» قالت عضو المجلس الأعلى للدولة نعيمة الحامي إن التعديل الذي أقره البرلمان لم يطرح لمناقشته بين أعضاء المجلس، وإن الأعضاء لا يعلمون نصوص التعديل الذي أقرّه مجلس النواب.

وتابعت قائلة إن رئيس المجلس خالد المشري قال إنه استلم مقترحاً لتعديل الدستور دون أن يقوم بطرحه للمناقشة مع الأعضاء، على حد تعبيرها.

وتوقعت «الحامي» أن يعرض التعديل الأخير في الجلسة المقبلة بعد نحو أسبوعين، مشيرة إلى مخالفته مخالفة واضحة لما اتُّفق عليه في القاهرة، حسب تعبيرها.

ووصفت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور نادية عمران، التعديل الـ 13 للإعلان الدستوري، بأنه عبارة عن «نسخ ولصق من نظام الحكم في مشروع الدستور المنجز من قبل الهيئة التأسيسية».

وتابعت في تصريحات صحافية أنه «بغض النظر عن صحة الإجراءات المتبعة في إقرار البرلمان للتعديل الـ 13 للإعلان الدستوري، ومدى ولاية مجلسي النواب والدولة في التدخل بالمسار التأسيسي وتجاهل مشروع الدستور ومصادرة حق الليبيين في تقرير مصيرهم».

وأضافت عمران أنه «وبغض النظر عن مخالفة نصوص الاتفاق السياسي المتعلقة بالتوافق حول التعديلات الدستورية مع مجلس الدولة، فهذا التعديل هو نسخ لصق من نظام الحكم في مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية، وقد تم التلاعب في بعض نصوصه بطريقة ركيكة ومخلة بالنظام المعد في مشروع الدستور».

وعلى صعيد مغاير، قال عضو مجلس الدولة، أحمد لنقي، إن التعديل الدستوري الـ 13 لا تختلف نصوصه كثيراً عما تم الاتفاق عليه بين اللجان المشتركة لمجلسي النواب والدولة.

كما أضاف لنقي أن التعديل الدستوري الأخير يعتبر خطوة جيدة نحو حلحلة الانسداد السياسي الحالي كما أنه سيعرض على المجلس للتصويت عليه.

ولفت إلى أن هناك مجموعة قوانين من عهد المملكة والنظام السابق فيما يتعلق بتنظيم عمل العسكريين ومزدوجي الجنسية في الدولة وهي ما زالت سارية المفعول وستطبق على المترشحين للانتخابات القادمة.

ويعتبر مجلس النواب الإعلان الدستوري بمثابة وثيقة بديلة تحل محل الدستور في تنظيم شؤون البلاد لحين إقرار دستور نهائي، يرى فيها المجلس الأعلى للدولة قاعدة قانونية مؤقتة لتنظيم الانتخابات فقط، بعد أن فشلت جهود إجرائها في موعدها المقرر في 24 ديسمبر 2021.

وكان رئيسا مجلسي الدولة والنواب الليبيين اتفقا، في مطلع يناير الماضي، على وضع «خارطة طريق» لإتمام العملية الانتخابية، خلال اجتماعهما في القاهرة بحضور رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي.

__________