أحمد ابراهيم وعلي بن طاهر
مقدمة
تعد الأحزاب السياسية المعاصرة من أهم الآليات ذات التأثير المباشر على سير وحركية النظام السياسي، فهي ضمان استقراره واستمراره وذلك نظرا للدور الهام التي باتت تؤديه في تنشيط الحياة السياسية من جهة وفي عملية رسم السياسات العامة للدولة.
إذ أصبحت تشكل عنصرا رئيسيا من عناصر النظم الديمقراطية، فدورها اليوم أضحى ينعكس بالإيجاب أو بالسلب على فاعلية النظام السياسي وطبيعته، ناهيك عن مشاركتها في عملية رسم وصنع السياسات العامة للدولة وتأطيرها في كافة المجالات السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية، مما يؤثر بصفة مباشرة على عملية التحديث السياسي والتطور الديمقراطي في الدولة.
***
لقد شاعت ظاهرة الأحزاب السياسية في كل دول العالم الديمقراطية أو غير الديمقراطية، وأصبح وجود الأحزاب السياسية في حد ذاته أمرا لا غنى عنه في الحياة السياسية داخل المجتمعات المعاصرة.
وتتوقف فاعلية الأحزاب السياسية على خصائص النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، الذي تعمل فيه علاوة على خصائصها وسماتها كتنظيمات، إذ أصبحت الأحزاب السياسية اليوم من أبرز قنوات المشاركة السياسية للمواطن ووسيلة الاتصال السياسي المنظّم في المجتمع، والركيزة الأساسية والمنُظِّمة بين القمة والقاعدة ومحطة اتصال لازمة بين المواطن وسلطته، إذ تتميز بأن لها أهداف سياسية، إنسانية وقانونية، إذ لا يجوز لها أن تمثل النظام السياسي في جهات مستقلة إلى حد كبير عن الحكومة، بل عليها أن تحرص على المشاركة سواء كانت في السلطة أو في المعارضة في أعمال الحكومة ومراقبتها.
ومن خلال هذا الدور يمكنها أن تساهم في تحسين إدارة الحكم وتعزيز المساءلة والشفافية في النظام السياسي.
وفي سبيل التعرف على مفهوم الأحزاب السياسية ودورها في رسم وتوجيه السياسات العامة، سنتناول خلال هذه الدراسة إشكالا بين علاقة الأحزاب السياسية العامة، ومدى إسهام هذا المتغير ـ الأحزاب السياسية ـ دون غيره في العلاقة على اعتبار أن السياسة العامة متغير تابع يخضع لارتباطات أخرى موازية كالبيئة الخارجية، والإدارة الحاكمة، والإدارة السياسية والثقافة السياسية، عليه تدور إشكاليتنا الرئيسية حول مدى مساهمة الأحزاب السياسية في رسم وتنفيذ السياسة العامة للدولة.
وتنضوي تحت هذه الإشكالية الرئيسية التساؤلات الفرعية التالية:
ما التعاريف المختلفة الموضحة لمفهومي الأحزاب السياسية والسياسة العامة؟
ما الدور الذي تقوم به الأحزاب السياسية في رسم السياسة العامة؟
فيما تتمثل مساهمة الأحزاب السياسية في عملية رسم السياسات العامة؟
خصائص الأحزاب السياسية
ـ الأحزاب تنظيمات دائمة تعبر عن مصالح مجموعة أو مجموعات اجتماعية، الأمر الذي يضمن للأحزاب وجودها وبقائها.
ـ الأحزاب تنظيمات وطنية بمعنى أنها تربط بين المستويين المحلي والوطني، وهي تعمل على بناء علاقات بين القمة والقاعدة عبر كامل إقليم الوطن الواحد.
ـ الأحزاب تسعى للوصول إلى السلطة وتولي زمام الحكم وممارسته سواء وحدها أو بمشاركة أحزاب أخرى.
ـ تسعى الأحزاب للحصول على الدعم الشعبي، وتعتمد على ذلك الدعم لتحقيق أهدافها وذلك بجمع أكبر عدد ممكن من الأفراد حول أفكارها وبرنامجها.
ـ لابد من أن يتوفر كل حزب سياسي على قاعدة جماهيرية، حيث كلما كان الحزب يحوي وعاءً كبيرا من الأعضاء من الجماهير، كلما كان وصوله لتحقيق أهدافه أمرا ممكنا وميسورا.
ـ لابد من أن يكون لكل حزب مذهب سياسي، وبرنامج خاص به ويتميز به عن غيره ويسعى لتطبيقه.
ـ يجب على العضو المنخرط في الحزب أن يلتزم بالمبادئ والخطط التي يسطرها الحزب، وعليه أن يطبق شروط العضوية التي تحدد حقوق وواجبات المنتسب إلى الحزب.
ـ يقوم الحزب على غايات وأهداف محددة، وليس فقط مجرد آليات وبرامج، حيث تتجسد أهدافه وغاياته في نشر الأفكار واستقطاب المزيد من المنتمين وإحراز عدد كبير من الأصوات للفوز بالسلطة السياسية وكسب نتائج الانتخابات.
ـ الأحزاب السياسية المعاصرة تعرف بطبيعة تنظيماتها أكثر مما تعرف ببرامجها أو هوية إتباعها، فالتنظيم يلعب دورا أساسيا وقياديا لتحقيق الهدف.
ـ الحزب يفسح المجال لتداول أفراد النخبة على مراتب القيادة، إذ يضمن الحزب لأنصاره حركية كفيلة بتحديد المفاهيم والقوى المتعددة لتحمّل المسؤوليات، فالجماهير تنقاد وراء القادة والزعماء.
…
يتبع في الجزء التالي
***
أحمد ابراهيم وعلي بن طاهر ـ باحثان في جامعة بلقايد بتلمسان، الجزائر
______________
المصدر: مجلة أبحاث ـ العدد 2 (2021)