يؤكد الكثير من الباحثين على إعطاء تعريف للديمقراطية المعاصرة، باعتبارها منهجًا وطريقة وعملية لاتخاذ القرارات العامة، وليست عقيدة ترتبط بتراث أوروبا الغربية.

كما أن الوصول إلى أرقى أنظمة الحكم السياسي، لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل سيادة قيم الديمقراطية وذلك لا يتجسد إلا من خلال القيام بالإصلاحات السياسية والمؤسساتية.

ومن أجل الوصول إلى ترسيخ الديمقراطية لا بد من وجود أدوات لتدعيم هذه الديمقراطية، ومن بين أهم هذه الأدوات وجود الأحزاب السياسية التي يجب أن تتميز بالفاعلية والنشاط من أجل المشاركة في العملية السياسية.

للأحزاب السياسية دور كبير في صناعة الديمقراطية، وحمايتها والحفاظ عليها، الأمر الذي يبين أهمية الأحزاب السياسية ودورها المحوري والفاعل في العملية السياسية الديمقراطية.

فالأحزاب السياسية تعتبر أداة تستعمل في ممارسة الحكم و إدارة العمل السياسي، كونها هي القادرة على بلورة الأفكار وتنمية الوعي السياسي وبلورة ثقافة سياسية ديمقراطية، بمعنى هي بمثابة أدوات تكوين الرأي العام.

كما أن الديمقراطية لا يمكن ممارستها من قبل الشعب ككل، بل هي بحاجة إلى أجهزة حزبية مؤسسية تنوب عنه، وتمثله في ممارسة سلطاته السياسية.

تعتبر الديمقراطية مطلبا ضروريا، بمقتضاه يمكن تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي للدولة من جهة، وتطوير نظامها السياسي والاجتماعي والاقتصادي من جهة ثانية، وبالتالي فالديمقراطية هي نظام للحكم.

ومن الناحية العلمية يطلق هذا المفهوم على كل أشكال التنظيم السياسي التي يتوفر فيها قدر من المشاركة الواسعة في صنع القرار الصادر من أغلبية المواطنين وفي إطار النموذج الديمقراطي تلعب الأحزاب السياسية دورا محوريا في تدعيم عملية التطور الديمقراطي.

بمعنى أن الأحزاب السياسية تحتل أهمية مركزية في تدعيم مسارات التحول الديمقراطي، حيث يمكن القياس مدى فعالية هذه الأحزاب السياسية من خلال الدور الذي تلعبه في العملية السياسية الديمقراطية وموقفها من عمليات التغيير والإصلاح السياسي الديمقراطي.

وبالتالي فالأحزاب السياسية الديمقراطية هي عنصر أساسي لتعزيز الديمقراطية، الأمر الذي يستدعي دراسة إشكالية العلاقة بني هذين المتغيرين: الاحزاب السياسية والديمقراطية.

لذلك ينبغي رصد وتحليل دور الأحزاب السياسية في تدعيم العملية الديمقراطية ومحاولة تحديد أهم الآليات الضرورية لتفعيل هذه الأحزاب وجعلها طرفا فاعلا في تحقيق التنمية السياسية والتطور الديمقراطي.

ومن هذا المنطلق يتم طرح السؤال التالي:

كيف تساهم الأحزاب السياسية الليبية في تدعيم عمليات البناء الديمقراطي في ظل التحولات الدولية الراهنة؟

____________

مقتطف من دراسة الأحزاب السياسية كآلية لتعزيز البناء الديمقراطي: إطار تحليلي ونظرة شاملةللباحث عمر كعيبوش والباحثة مريم مالكي

مقالات مشابهة