مقتطفات من دراسة استطلاعية على عينة من الأحزاب السياسية في ليبيا
إبراهيم خليل خليفة البلعزي
مقدمة:
تعد التنمية السياسية من المفاهيم الحديثة، وتعني قدرة الأفراد على إدراك مشكلاتهم بشكل واضح، ومن ثم استغلال كافة الموارد الممكنة التي تواجه هذه المشكلات، وهي عملية تتضمن بناء المؤسسات، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية.
ومن أدوات التنمية السياسية في العصر الحديث، هي الأحزاب السياسية، وإذا كانت سياسة التصنيع المتبعة تعبر عن مضمون التنمية الاقتصادية، فإن الأنشطة الحزبية تعبر بالمقابل عن درجة التنمية السياسية داخل النظام السياسي، وبالتالي مزيدا من المشاركة في العملية السياسية.
فالأحزاب السياسية تعد أحد أهم النظم السياسية التي تؤثر بشكل مباشر على سير وحركة النظام السياسي، وبالتالي ضمان استمرار واستقرار هذا النظام، حيث تؤدي الأحزاب السياسية دورا هاما في تحفيز الحياة السياسية، وبالتالي تُشكل ركنا أساسيا من أركان النظم الديمقراطية.
ينعكس أداء الأحزاب إما بالسلب أم بالإيجاب ليس على نوعية الحياة السياسية فحسب؛ بل حتى على مستوى التطور الديمقراطي والتنمية السياسية التي تعد انعكاسا للنظام الحزبي السائد في الدولة.
وتعد التنمية السياسية في ليبيا من أهم المواضيع بالغة الأهمية في إرساء القواعد السياسية للدولة، وعليه ينبغي التعرف على واقع ومفهوم وطبيعة ونشأة الأحزاب السياسية في ليبيا، وتبيان دورها في حل أزمات التنمية السياسية.
رغم إنشاء العديد من الأحزاب السياسية بعد ثورة السابع عشر من فبراير وحدوث أول تجربة انتخابية بعد مرور أكثر من 60 سنة من إلغاء الأحزاب في ليبيا؛ إلا أن الثقافة الحزبية السياسية السائدة لدى المواطن الليبي وانعدام ثقته في هذه الأحزاب سواء من خلال برامجها ورؤيتها أم انتماءاتها السياسية، ساهم في ضعف وعزوف أغلب الليبيين في الانضمام لهذه الأحزاب، إذا لا يتجاوز عدد المنتمين إليها 1% من سكان ليبيا.
تعددت تعريفات الأحزاب السياسية بفعل اختلاف الاتجاهات السياسية والقانونية، ويعود الاختلاف في التعريفات إلى تعدد واختلاف الإيديولوجيات، ونظرة هذه الاتجاهات إلى وظيفة الأحزاب ومهامها.
ويعرف الحزب السياسي أنه “مجموعة من الناس ذوي الاتجاه الواحد، والنظرة المتماثلة والمبادئ المشتركة، يحاولون أن يحققوا الأهداف التي يؤمنون بها، يرتبطون ببعضهم وفقا لقاعدة أو قواعد تنظيمية مقبلولة من جانبهم، تحدد علاقاتهم وأسلوبهم ووسائل عملهم“
وللحزب السياسي ثلاثة عناصر وهي:
أولا، الفكر والقناعات التي تجمع الأعضاء وتساهم في صياغة مشروعهم السياسي،
وثانيا، الأهداف والمقاصد التي يسعى الأعضاء لتحقيقها،
وثالثا، التنظيم الذي ينظم الحزب ويضمن ترابطه واستدامته.
وجاء تعريف الحزب السياسي في المادة الثانية من قانون رقم 29 لسنة 2012 بأنه “كل تنظيم سياسي، يتألف باتفاق بين جماعة من الليبيين، يؤسس وفقا لأحكام هذا القانون، ويدير نشاطه بشكل علني بالوسائل السلمية والديمقراطية بهدف المساهمة في الحياة السياسية، لتحقيق برامج محددة ومعلنة تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بقصد المشاركة في مسؤوليات الحكم وتداول الحكم وتداول السلطة وفقا لقانون الانتخابات العامة“
ويحدد هذا القانون لمفهوم الحزب السياسي اربعة عناصر:
أولا، الرباط التنظيمي شرط أساس للحزب فلابد من وجود نوع من العلاقة التنظيمية بين أفراد الحزب، إذ أن الحزب يهدف إلى كسب أكبر عدد ممكن من الجماهير إلى صفوفه، وهذا يقتضي وجود قوالب وأشكال تنظيمية تستوعب هؤلاء الناس وتوظف طاقاتهم وتوزع الأدوار بينهم.
ثانيا، أن ينشأ الحزب باتفاق جماعة ليبية يؤسس وفقا لأحكام هذا القانون.
ثالثا، أن لا يجب أن يدار الحزب بشكل سري.
رابعا، وأن يتبنى الحزب المشاركة السياسية في الحكم وتداول السلطة وفقا لقوانين الانتخابات العامة.
…
يتبع
***
إبراهيم خليل خليفة البلعزي ـ قسم القانون، كلية الشريعة والقانون ـ أوباري ـ الجامعة الأسمرية الإسلامية.
_____________
المجلة الإفريقية للدراسات المتقدمة في العلوم الإنسانية والإجتماعية ـ المجلد الثاني ـ العدد الثاني ـ ابريل 2023