مقتطفات من دراسة استطلاعية على عينة من الأحزاب السياسية في ليبيا

إبراهيم خليل خليفة البلعزي

الخاتمة:

لم تكن الأحزاب السياسية ظاهرة غريبة على المجتمع الليبي، ويمكن اعتبارها في نفس الوقت، حديثة النشأة، بالمعنى النسبي للكلمة، فقد شهدت ليبيا حياة سياسية ثرية خلال العشرية الأولى قبل الاستقلال، مع بروز القادة والزعماء الذين عاصروا فترة الاحتلال الإيطالي وعايشوا فترة الإدارة البريطانية في الشرق والادارة الفرنسية في الجنوب.

والمتتبع للتجربة الحزبية يرى بوضوح ظهور الأحزاب منذ نشوء ليبيا وتشكلها ككيان. حيث يعتبر الحزب السياسي أحد المكونات الأساسية في العملية السياسية، حيث لا تنعدم ضرورة وجوده بشكل أو بآخر في أغلب الدول، باعتباره يمثل معامل ارتباط قوي بين النظم السياسية الحديثة وعملية التنمية بمختلف صيغها، لاسيما منها التنمية السياسية.

كما تعد الأحزاب السياسية أحد أهم أدوات التنمية السياسية في العصر الحديث، وباعتبار أن فعالية سياسة التصنيع تعبر عن مضمون التننمية الاقتصادية؛ فإن حركة الأحزاب السياسية والنظام الحزبي تعبر بالمقابل عن درجة التنمية السياسية داخل النظام السياسي.

وأثبت المجتمع الليبي أنه يتمتع بسلوك سياسي جيد عبر عن مطالبه بحقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر الوسائل الديمقراطية المتعارف عليها مثل منظمات المجتمع المدني، والفضاءات الالكترونية، إلى جانب وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، والوقفات أو الاعتصامات السلمية.

وبمكن القول أن التنمية السياسية أضحت مطلباً رئيساً من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية، وهي عملية تحديث سياسي وتعبئة ومشاركة الجماهير في القرارات الاقتصادية؛ وهي كذلك بناء الديمقراطية من خلال إقامة المؤسسات الديمقراطية والإدارية الفعالة.

يعد مفهوم التنمية السياسية من المواضيع متعددة الأوجه، والحديثة نسبيا،ً ورافق تطور هذا المفهوم العديد من المصطلحات السياسية في العالم، تلتقي في كثير من جوانبها بالتنمية السياسية والتحديث السياسي، والتحول الديمقراطي، والتعددية .

وقد عُرفت التنمية السياسية بأنها عملية سياسية متعددة الغايات، تستهدف ترسيخ فكرة المواطنة وتحقيق التكامل والاستقرار داخل ربوع المجتمع، وزيادة معدلات مشاركة الجماهير في الحياة السياسية والاستقرار داخل ربوع المجتمع، وزيادة معدلات مشاركة الجماهير في الحياة السياسية وتدعيم قدرة الحكومة المركزية على إعمال قوانينها وسياساتها على سائر إقليم الدولة ورفع كفاءة هذه الحكومة.

كما عرفت التنمية السياسي بأنها عملية غايتها تخليص المجتمع من كافة سمات تخلفه والمتمثلة في أزمة الهوية، وأزمة الشرعية، وأزمة ضعف المشاركة، وأزمة سوء التوزيع للثروة، وأزمة عدم الاستقرار السياسي، وأزمة السلطة.

تناولت هذه الدراسة الاستطلاعية على عينة مكونة من 2700 مستهدف موزعة على عشرة احزاب سياسية لتمثل مجتمع الدارسة.

وجاءت النتائج كالتالي:

  • توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين الاحزاب السياسية والتنمية السياسية في ليبيا.

  • توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين درجة الوعي السياسي والتنمية السياسية في ليبيا.

  • توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين المشاركة السياسية والتنمية السياسية في ليبيا.

  • أغلب المنتمين للأحزاب السياسية هم من حملة المؤهلات الجامعية والذي يعبر عن وعيهم بأهمية الأحزاب السياسية ودورها في التنمية السياسية والاقتصادية والاستقرار السياسي.

وأشارت النتائج إلى:

  • أن الأهمية النسبية لدرجة الوعي السياسي لدى أعضاء الأحزاب السياسية في ليبيا بلغت 82.33 في المائة.

  • أن الأهمية النسبية لدرجة الاهتمام والمشاركة السياسية بلغت 62.66 في المائة.

  • أن الأهمية النسبية لمؤشر التنمية السياسية بلغت 70 في المائة.

التوصيات:

زيادة الوعي بأهمية الأحزاب السياسية ودورها في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

التاكيد على المشاركة السياسية ودورها في التنمية السياسية.

الاهتمام بقنوات الاتصال بين الأحزاب السياسية والقاعدة الشعبية عبر وسائل التواصل المختلفة .. الإذاعة المرئية، المسموعة، الفيسبوك، شبكة الانترنت، وغيرها.

إنشاء مراكزمتخصصة لقياس الرأي العام يساعد الأحزاب السياسية على اتخاذ قراراتها وتنفيذها بأسلوب علمي ومهني نابع من قناعة المجتمع.

نشر الوعي بالحقوق المدنية والسياسية وصيانتها والنظر إليها على أنها من القضايا السياسية لحماية الحريات وحقوق الإنسان، ومنها حريات التعبير والصحافة والإعلام والتجمع.

تأكيد استقلال السلطات والفصل بينها واحترام صلاحيات المؤسسة الدستورية ودعم استقلالها.

احتضان مؤسسات المجتمع المدني لتكون ذراعاً مساعداً للدولة والأخذ بيدها ودعمها مادياً وفنياً وتوفير الحماية القانونية لها وتشجيعها بمختلف الوسائل.

***

إبراهيم خليل خليفة البلعزي ـ قسم القانون، كلية الشريعة والقانون

أوباري ـ الجامعة الأسمرية الإسلامية.

_________________

المصدر: المجلة الإفريقية للدراسات المتقدمة في العلوم الإنسانية والإجتماعية ـ المجلد الثاني ـ العدد الثاني ـ ابريل 2023

مقالات مشابهة