سامي خليل
أسفر قرار إنشاء مجلس النواب الليبي، محكمة دستورية في بنغازي للمرة الأولى في تاريخ ليبيا، عن جدل حقوقي وردود فعل من طرف منظمات محلية هدّدت باللجوء إلى القضاء لمنع دخول المحكمة، حيز العمل.
وأدّى عدد من مستشاري المحكمة الدستورية اليمين القانونية في مقر البرلمان، بعد افتتاح المحكمة الأولى من نوعها، فيما دعت لجنة الحريات بنقابة المحامين في بيان لها، الأربعاء، مجلس النواب العودة إلى الحق وتطبيق حكم المحكمة العليا بعدم دستورية قانون المحكمة الدستورية.
كما حذرت مما يترتب على ذلك القانون من نتائج سيئة يكون أثرها وخيمًا على السلطة القضائية والنيل من وحدتها، ولوحت نقابة المحامين بتصعيد الإجراءات القانونية التي تكفلها القوانين الوطنية والدولية.
وأعرب رئيس لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان في نقابة المحامين الليبيين محمد إبراهيم العلاقي عن رفضه العمل بهذا القانون؛ بسبب إرباكه القضاء الذي نجا من الانقسام من بين جميع المؤسسات السيادية.
وقال المحامي الليبي، في تصريح لـ“إرم نيوز“، إن إصدار قانون للمحكمة الدستورية العليا يتطلب وجود نص دستوري، إلى جانب ضرورة إجراء تعديلات على قوانين قضائية أخرى، بما في ذلك قانون نظام القضاء رقم 6 لسنة 2006 وتعديلاته، والقانون رقم 6 لسنة 1982 بشأن إنشاء المحكمة العليا.
وفي ظل وجود الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا والمحكمة الدستورية الجديدة، فقد أكد العلاقي أن هذا الوضع يعد “تناقضا“، ورأى أن البرلمان مخطئ؛ لأن الوقت غير مناسب للقرار إلى حين استقرار ليبيا.
وكان وزير العدل بالحكومة الليبية المكلفة خالد مسعود المدير، افتتح في بنغازي المحكمة الدستورية، بحضور عدد من المسؤولين القضائيين.
ووصف المستشار محمد الحضيري، افتتاح المحكمة بـ“الإنجاز التاريخي الأوّل مِن نوعه في ليبيا“، مشيرا إلى أن “المحكمة ستتولى مراقبة دستورية القوانين“، وتعهد بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع.
وأقرّ مجلس النواب، القانون الخاص بالمحكمة الدستورية في 6 ديسمبر 2022، وفي مارس 2023 أصدر مجلس النواب، قانونا لإنشاء محكمة دستورية في مدينة بنغازي، بدلا عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في طرابلس.
وفي السياق، عبر الناشط الحقوقي الليبي أحمد حمزة عن رفضه لتفعيل المحكمة الدستورية العليا، وفسر احتجاجه بأن البرلمان ضرب بعرض الحائط الحكم الصادر عن المحكمة العليا والقاضي بعدم دستورية قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا في الطعن الدستوري.
وقال حمزة الذي يرأس المُؤسسة الوطنيّة لحقوق الإنسان في ليبيا لـ“إرم نيوز“، إن القرار يعد إخلالا بمبدأ الفصل بين السلطات، وتعديا على استقلال السلطات القضائية، ومحاولة للنيل من وحدتها واستقلاليتها، وإضعاف دورها، وكذلك عملاً ممنهجاً للزج بهذه المؤسسة في أتون الصراع والتجاذب والاستقطاب السياسي.
وفي رأيه، فإن قانون تأسيس المحكمة الدستورية العليا، المحكُوم بإلغائه قد خالف الإعلان الدستوري المُؤقت الضامن للحقوق والحريات، والتي من بينها حق التقاضي المكفول للمواطنين وتحديدًا ما نصت عليه المادة (21) من قانون تأسيس المحكمة، وبهذا يُصبح قانون إنشاء المحكمة هو والعدم سواء بالنظر لمخالفته للأُسس والقواعد الدستورية ويتعارض معها.
وتضم المحكمة الدستورية العليا 13 عضوا من بينهم رئيس ونائب، و4 منهم من بين مستشاري محكمة النقض (المحكمة العليا سابقاً)، والعاملون الذين مارسوا العمل بالدوائر المجتمعة، تختارهم الجمعية العمومية للمحكمة، و3 يختارهم المجلس الأعلى للقضاء، على ألّا تقل درجتهم عن رئيس بمحكمة الاستئناف، و3 تختارهم رئاسة مجلس النواب، و3 يختارهم رئيس الدولة.
وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري احتج على استحداث مجلس النواب المحكمة الدستورية، حتى لا يتعارض مع مخرجات القاعدة الدستورية.
_____________