د. الكوني اعبودة

الثقافة القانونية هي جزء من الثقافة العامة التى تعرّف بأنها نظام متكامل يشتمل على كل من المعرفة، والفن، والقانون، والاخلاق، والعرف، وغيرها من القدرات التى يكتسبها الانسان بوصفه عضوا فى مجتمع

والمقصود هنا تقافة المواطن العادى، وليس الثقافة القانونية المهنية أو المتخصصةمثل ثقافة أستاذ القانون أو المحامى أو القاضى .

فالثقافة القانونية المهنية تيسّر لصاحبها من حيث المبدأ عملية الوصول الى العدالة، وليس أدل على ذلك من أن المحامى المخوّل بالترافع أمام محكمة معينة لا يحتاج للاستعانة بمحام آخر للقيام بإجراء يستلزم القانون لصحته تدخّل محام كتوقيع صحيفة الاستئناف أو الطعن بالنقض مثلا.

ولكن السؤال يطرح حول ما إذا كانت الثقافة القانونية العامة تيسر العدالة أم لا؟

ذلك يتوقف على درجة حرص صاحب الثقافة القانونية العامة فى إنتقاء مصادره وفى تطبيق معرفته بدقة: فالمصادر متنوعة وتختلف فى درجة صدقيتها؛ قد يكون المصدر هو الراديو أو التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعى أو المدرسة أو المسجد أو دار الافتاء أو حضور الملتقيات العامة وقد يكون السجن أو مؤسسات الإصلاح عموما أو المحاكم من خلال ممارسات سابقة لحق التقاضى أو حضور الجلسات أو سؤال بعض ذوى الإختصاص.

كما أن درجة حرص صاحب الثقافة القانونية العامة تلعب دورا، وذلك الحرص يتأثر أيضا بمستوى التعلبم أيضا.

ومع ذلك فإنه من الصعب المساواة بين هذا وعديم الثقافة القانونية أصلا؛ فعديم الثقافة يجد نفسه فى موقف لا يُحسد عليه كلما تعرّض لمظلمة، حيث أنه يفتقر الى أبسط المعرفة بكيفية التصرف فى هذه الحالة.

أما صاحب الثقافة القانونية فهو يعلم حتما أن القانون يمنعه من إستيفاء حقه بنفسة وأن من واجبه إستعمال الطرق المشروعة، وأن أفضلها الذى يقود الى إصلاح ذات البين وأن العفو عند المقدرة.

لذلك سيقرر هل يطالب برفع الظلم عنه أم لا؛ وإذا قرر المطالبة فثقافته القانونية العامة تسمح له بالإختيار بين سُبل الحل الودى التنازل، التفاوض، الصلح وطرق المنازعة؛

وهنا قد لا تكفيه ثقافته القانونية العامة على المفاضلة وإختيار الطريق الأنسب، ولكنه يعلم عادة أن أقرانه فى ليبيا يستعينون بمحام يطلبون منه مشورة. لكن هذه الثقافة لا تبين له أن المحاماة فى ليبيا نوعان:

محاماة خاصة يكون فيها المحامى صاحب مهنة يعمل لحسابه وبمقابل يعرف بالاتعاب

ومحاماة عامة يكون فيها المحامى موظفا يقدم خدمة مجانا لكل مواطن غير قادر ماليا– .

هنا تظهر الحاجة الى سؤال الآخرين مباشرة أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت مصدرا هاما للمعلومة، متفوقة على كثير من وسائل الاتصال الاخرى.

هكذا يبين أن الثقافة القانونية العامة تُيسّر نسبيا الولوج الى العدالة، ولكنها فى حاجة الى إهتمام أكبر على الصعيدين الرسمى ( برامج التعليم والتربية) والشعبى (دور أصحاب القدرة القانونية المتخصصة من محامين وغيرهم)، لنشر ثقافة قانونية عامة تتجاوز المواطن البسيط، بحسبان أن خدمة المجتمع شأن عام وتيسير الوصول الى العدالة من مظاهرها .

______________

المصدر: صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات مشابهة