روبرت أوهانلون، وحسن الرايس، ومحمد جويلي

ما هي الرؤية الوطنية؟

تعد الرؤية الوطنية البوصلة الاستراتيجية للدولة التي تحدد الأهداف طويلة الأمد والمسار المثالي لها. يعمل إطار العمل الشامل هذا على توحيد مختلف القطاعات المجتمعية بشكل يضمن بذل جهود متضافرة لتحقيق الأهداف المشتركة. تمثل الرؤية الوطنية أداة توجيه أساسيةللقطاعات المختلفة والجهات الحكومية، حيث تعمل على توجيه المبادرات المتنوعة لضمان اعتماد استراتيجية موحدة تهدف إلى تعزيز التنمية الوطنية.

تعد الرؤية الوطنية عاملا أساسيا لتعزيز الحوكمة، حيث تضمن عمل كافة الجهات الحكومية والوزارات على تحقيق أهداف موحدة، مما يعزز من آليات توزيع الموارد وتحسين السياسات.

ويعد هذا النهج الموحد ضروريا لتحقيق التنمية بشكل منسق، حيث يتطلب بذل جهود من الكيانات العامة والقطاع الخاص والمواطنين على حد سواء، مما يحفز التطور الوطني الشامل.

وتعد تجارب بعض الدول مثل سنغافورة والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة خير برهان على ضرورة وضع رؤية وطنية واضحة للتحول.

تحولت سنغافورة من مدينة مينائية متواضعة إلى مركز عالمي للتجارة والتكنولوجيا من خلال الالتزام برؤية تعتمد على المعرفة.

تركز رؤية السعودية 2030 على تشجيع التنوع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على النفط.

تركز استراتيجية قطر على التنمية المستدامة، بينما تهدف رؤية الإمارات العربية المتحدةليبيا.. خطوط السياسة والسيادة 2021 ومئوية الإمارات 2071 إلى تحقيق اقتصاد متنوع ومستدام من خلال إطلاق مبادرات في قطاعات متعددة مثل البنية التحتية والسياحة والطاقة المتجددة.

يبين كل من الأمثلة هذه حالة لدولة تم بناؤها بالاعتماد على رؤيتها الاستراتيجية، مما يوضح أهمية وضع خطة موحدة طويلة المدى لتوجيه النمو وتحقيق التحول الوطني الشامل.

وضع وتنفيذ رؤية دولة ليبيا

تتطلب عملية صياغة الرؤية الوطنية الليبية نهجا استراتيجيا شاملا يتناول المجالات الرئيسية الضرورية للنمو والاستقرار. من الممكن أن يصبح تنويع الاقتصاد هو الهدف الأساسي من الرؤية، حيث يجب بناء اقتصاد قوي ومرن لا يعتمد كليا على النفط.

ولتحقيق هذه الغاية، يجب الاستثمار في التعليم لبناء قوة عاملة جاهزة لتلبية متطلباليبيا.. خطوط السياسة والسيادةت الاقتصاد المتنوع. قد يشمل نطاق الأعمال أيضا تحسين البنية التحتية وتعزيز اتصال ليبيا بشبكات الطرق داخل حدودها وخارجها، ويعد هذا عاملا أساسيا لتحسين التجارة وتوسيع مجالات الاقتصاد.

علاوة على ذلك، فإن إعطاء الأولوية لتحقيق التقدم في مجالات التكنولوجيا والرعاية الصحية يعد أمرا ضروريا لتحسين مستويات المعيشة وتيسير إجراء العمليات التجارية.

يمكن الانتقال من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ بعد وضع أهداف واضحة. ومن ممكنات النجاح تأسيس هياكل حوكمة قوية ووحدة متابعة متخصصة لتتبع تنفيذ الاستراتيجية في هذه المرحلة المهمة.

ستضمن هياكل الحوكمة هذه تعزيز المتابعة وضمان الوصول إلى النتائج وحلحلة المشاكل وتعزيز صنع القرار.

وستقوم وحدة المتابعة بمراقبة تقدم الأعمال بدقة وتقديم رؤى مباشرة للحفاظ على المرونة الاستراتيجية والاستجابة إلي تحديات أو فرص محتملة.

وبهذا يمكن ضمان توافق المبادرات مع الأهداف الرئيسية، مما يسهل إجراء تعديلات سريعة على الأساليب المتبعة والاستراتيجيات عند الضرورة.

يعد هذا التوافق بين الحوكمة والرقابة أمرا أساسيا لتحقيق الأهداف المرجوة وضمان التقدم في تنفيذ الرؤية.

الخلاصة

يعد وضع رؤية وطنية شاملة لدولة ليبيا وتنفيذها أمرا ملحا وضروريا لتحقيق التحول المرجو في اقتصاد الدولة.

لا تعد هذه الرؤية مجرد خارطة طريق، بل يمكن اعتبارها منارة توجه الدولة نحو الازدهار والاستقرار، وهي ضرورية لاكتساب ليبيا دورا بارزا على الصعيد الدولي.

ولكن لا يمكن تحقيق هذه الرؤية إلا من خلال توحيد الإرادة وبذل الجهود من كافة قطاعات المجتمع الليبي.

يجب على الجهات المسؤولة عن صنع القرار تمهيد الطريق من خلال دعم الرؤية بالتشريعات الضرورية.

ويتمثل دور رواد الأعمال بتعزيز الديناميكية الاقتصادية، وعلى المواطنين الحرص على المشاركة في هذه الأعمال لبناء مستقبلهم. وقد يساهم التعاون بين الجهات الثالثة هذه في دعم تطور ليبيا وجعلها طرفا مهما يساهم في التطور العالمي.

***

روبرت أوهانلون ـ شريك ورئيس خدمات الجودة والمخاطر والأمن مع ديلويت الشرق الأوسط، ويتولى مسؤولية الإشراف على العمليات في ليبيا، حيث يضمن تقديم خدمات متميزة ونتائج مثمرة لجميع الزبائن في المنطقة.

حسن الرايس ـ يقوم حسن بإدارة العمليات في ليبيا ويتعاون مع مجموعة متنوعة من الزبائن، بما في ذلك صناديق الثروة السيادية وشركات الخدمات المالية وشركات النفط والغاز والمؤسسات العامة لدعمهم في تحقيق أهدافهم الاستراتيجية.

محمد جويلي ـ مدير تنفيذي مساعد | خدمات االستراتيجية والمعامالت | ديلويت الشرق األوسط ـ يمثل محمد عنصرا مهما في فريق السوق الليبي، حيث يتخصص في تطوير مهام الإستراتيجيات وتنفيذها. يتركز عمله بشكل رئيسي على المؤسسات العامة وصناديق الثروة السيادية وزبائن الخدمات المالية.

________________

المصدر: تحليل ديلويت أند توش الشرق الأوسط  .. ترجمة الطموح إلى واقع

مقالات مشابهة