سامي خليل

أثارت ما سُميت بـلجنة العشرينفي ليبيا، خلافات سياسية جديدة حول آليات تشكيلها وأسماء الشخصيات التي تضمنتها.

وجرى تشكيل لجنة استشارية مكلفة بحل القضايا الخلافية المتعلقة بتمكين إقامة الانتخابات الوطنية في ليبيا، ما أدى إلى تباين في آراء الساسة والخبراء بين مرحّب ومتحفظ، قبل أن تبدأ اللجنة مهامها الأسبوع المقبل، فيما تأمل البعثة الأممية تعاون مجلسي النواب والأعلى للدولة لضمان نجاح المبادرة.

وبعد مخاض عسير، بدأ منذ تولي القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني خوري مهامها في شهر أبريل نيسان الماضي، نشرت البعثة الأممية قائمة العشرين شخصية المكلفة بتقديم مقترحات لحل القضايا الخلافية العالقة.

ويأتي تشكيل اللجنة في إطار المبادرة السياسية التي كانت البعثة الأممية أعلنت عنها خلال إحاطة أمام مجلس الأمن في 16 ديسمبر كانون الأول 2024.

مع المبعوث الأممي العاشر“.. هل يكسر الجمود السياسي في ليبيا؟

وتستند مقترحات اللجنة الاستشارية إلى الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية عام 2015، وخريطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي التي أُقرت في مدينة جنيف عام 2021، إضافة إلى قوانين لجنة (6+6) الانتخابية.

وتتكون اللجنة من شخصيات ليبية تمت تسميتها بناء على تقييم البعثة لخبرات هذه الشخصيات وقدراتها.

وكانت لجنة (6+6) المشتركة بين مجلسي النواب والدولة قد أصدرت في 6 يونيو حزيرن 2023، خلال مباحثات في مدينة بوزنيقة المغربية، القوانين الانتخابية، لكن بعض بنود هذه القوانين واجهت معارضة من أطراف سياسية بسبب مرشحين مثيرين للجدل.

وقالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إن اختيار أعضاء اللجنة تم بناءً على مجموعة من المعايير التي تشمل: المهنية، والخبرة في القضايا القانونية والدستورية و الانتخابات، والقدرة على تحقيق التوافق، مع فهم للتحديات السياسية التي تواجه ليبيا. وأكدت أنها أخذت بعين الاعتبار العوامل الثقافية والتوازن الجغرافي وتمثيل المرأة.

شخصيات أكاديمية

وأشار الباحث السياسي الليبي محمد محفوظ، إلى أن البعض يتحفظ على وجود شخصيات توصف بأنها أكاديميةفي اللجنة ويرجح التأثير على قناعاتها.

ولفت إلى حالة الفوضى الخلاقةالتي تمر بها البلاد، وسط آمال بأن اللجنة قد تكون أُولى خطوات التغيير المنشود.

وقال محفوظ في تصريح لـإرم نيوز، إن البديل هو عقد الصفقات بين أطراف سلطة الأمر الواقع، واستمرار النهب الممنهج للمال العام“. وعبّر عن دعمه للجنة، مؤكدا وجود مجموعة مقدّرة يمكن الثقة في مواقفها“.

وأضاف: “ننتظر أن نرى نتائج أعمالها، وحينها سيكون النقد أسهل بكثير من الآن؛ لأن ذلك قد يعني إعطاء دعم لمن يريد أن يفسد، ومآربه معلومة لدى الجميع“”.

تأزيم

من جهته يعتقد المحلل السياسي إدريس إحميد أن تشكيل لجنة استشارية تأكيد على أن البعثة تسهم في تأزيم الوضع“.

وقال لا يعقل قيام الأمم المتحدة باختيار أسماء دون معرفة المعايير، وما هي سيرهم الذاتية وخلفياتهم السياسية“.

ويصف إحميد في تصريح لـإرم نيوزعمل البعثة بـالوصايةواستمرار ارتكاب الأخطاء ذاتها السابقة، عبر النهج نفسه المتبع من طرف المبعوثين المتعاقبين.

 واستغرب الاعتماد على اتفاقيات جنيف والصخيرات التي قال إنها أوقعت ليبيا في الحلول المؤقتة، وجاءت بعد اتفاق بوزنيقة بين مجلسي النواب والدولة.

واعتبر أن التحرك الجديد قفز على الاستحقاق الانتخابي وإرادة الليبيين، فبعد فشل الأمم المتحدة وتخبطها تحاول الآن إنجاز أي شيء دون العودة إلى الإجماع المأمول“.

باشاغا يرحب

وبدوره، رحب رئيس الحكومة الليبية السابق المكلفة من البرلمان فتحي باشاغا بإعلان بعثة الأمم المتحدة تشكيل اللجنة الاستشارية.

وأكد دعمه لهذه الخطوة باعتبارها محطة مهمة في تقريب وجهات النظر وتعزيز مسار التوافق الوطني وفقًا للاتفاق السياسي، بما يسهم في تحقيق الاستقرار وترسيخ أسس الحل الشامل“.

وعبر باشاغا عن تطلعه إلى قدرتهم على أداء مهامهم بمهنية وحيادية، والأمل أن تكون مخرجاتها عملية وواقعية تُمكّن البعثة الأممية من البناء عليها، بما يضمن تجاوز العقبات التي تعرقل العملية السياسية، ويمهد الطريق لإجراء انتخابات عامة تُجدد الشرعية وتعكس إرادة الشعب الليبي في بناء دولة المؤسسات.

الحزب المدني الديمقراطي

ورد الحزب المدني الديمقراطي على الانتقادات بعد اختيار أحد أعضائه في اللجنة، وأوضح في بيان له أن اللجنة تضم شخصيات ليبية مختارة بناءً على خبراتها ومعايير تشمل المهنية والقدرة على تحقيق التوافق“.

وأشار إلى أن من بين الأعضاء المختارين في اللجنة المستشار السياسي د. علي سعيد البرغثي عن الحزب المدني الديمقراطي.

وتابع الحزب بالقول إن اللجنة ليست هيئة لاتخاذ القرارات، بل ستعمل خلال فترة زمنية محددة وتقدم مخرجاتها للبعثة لتوجيه العملية السياسية“.

وذكر أن البعثة الأممية ستدعم جهود الإصلاحات الاقتصادية وتوحيد المؤسسات الأمنية.

وسيعقد الاجتماع الأول للجنة الأسبوع المقبل في طرابلس. وتهدف هذه الخطوة إلى تجاوز الانسداد السياسي وتحقيق انتخابات وطنية لتجديد شرعية المؤسسات، بحسب البعثة الأممية.

وبالتوازي مع عمل اللجنة الاستشارية، قالت البعثة إنها ستعمل على دعم جهود الليبيين الرامية لإطلاق الإصلاحات الاقتصادية، وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، ومعالجة مسببات النزاع الأخرى المزمنة.

_____________

مقالات مشابهة