الحبيب الأسود
العدد الإجمالي للجثث التي تم العثور عليها حتى الآن يبلغ 55 جثة، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 74 جثة.
ظروف وفاة الضحايا وجنسياتهم يلفهما الغموض
أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ بمدينة الكفرة الليبية، الجمعة، أن فريق انتشال الجثث التابع له تمكن من انتشال 11 جثة لمهاجرين غير شرعيين من المقبرة الجماعية التي تم العثور عليها مؤخرا.
وقال الجهاز إن عملية الانتشال جاءت بتكليف من نيابة الكفرة الابتدائية، وبمشاركة فريق الجثث المكلف من النائب العام، مشيرا إلى أن العدد الإجمالي للجثث التي تم العثور عليها حتى الآن يبلغ 55 جثة، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 74 جثة. وأكد الجهاز أن عملية المداهمة التي نفذها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في المنطقة أسفرت عن إنقاذ عدد كبير من المهاجرين العالقين في الصحراء، في ظل ظروف إنسانية صعبة.
جاء ذلك، في ظل حالة من الجدل الحاد الذي تعيشه ليبيا حول ملف المقابر الجماعية الذي بات يؤرق السلطات المحلية ويحمّل المجتمع الدولي مسؤولية المآسي التي باتت تلاحق الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين ممن دفعت بهم الأقدار إلى الأراضي الليبية وخاصة المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات مسلحة وشبكات للاتجار بالبشر أغلبها مرتبط بمراكز القرار السياسي سواء في طرابلس أو بنغازي.
وعبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها بعد اكتشاف مقبرتين جماعيتين عقب مداهمات نفذتها القوات المسلحة على مواقع للاتجار بالبشر في منطقة الواحات، جنوب شرقي البلاد، وأوضحت أنه تم اكتشاف مقبرة جماعية في مزرعة بمنطقة إجخرة في الواحات تحتوي على 19 جثة، وفي 8 فبراير تم العثور على 40 جثة في منطقة الكفرة، بعضها يحمل آثار طلقات نارية.
وقالت البعثة إن التقارير أفادت بأن الضحايا كانوا محتجزين لدى المهربين والمتاجرين بالبشر لعدة أشهر، وتعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب، ودعت إلى إطلاق سراح المحتجزين غير الشرعيين في ليبيا، وإلى إجراء تحقيق كامل في المقبرتين الجماعيتين وتقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة.
وأعربت المنظمة الدولية للهجرة عن صدمتها وقلقها إزاء اكتشاف مقبرتين جماعيتين في ليبيا تحتويان على جثث العشرات من المهاجرين، بعضهم مصاب بطلقات نارية، مشيرة إلى أن الأمر “تذكير مأساوي” بالمخاطر التي تواجهها هذه الفئة الضعيفة من الناس والذين يشرعون في “رحلات محفوفة بالمخاطر.”
وأكدت المنظمة أن ظروف وفاتهم وجنسياتهم لا تزال غير معروفة. وقالت إن المقبرتين اكتشفتا خلال مداهمة للشرطة تم فيها إنقاذ المئات من المهاجرين من المهربين. وأضافت أن قوات الأمن تواصل عملياتها للقبض على الجناة.
وكان قد تم الأسبوع الماضي اكتشاف 19 جثة في منطقة إجخرة – التي تبعد حوالي 400 كيلومتر جنوب بنغازي – وما لا يقل عن 30 جثة أخرى في مقبرة جماعية في صحراء الكفرة في جنوب شرقي البلاد، والتي قد تحتوي على ما يصل إلى 70 جثة. وأفادت رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا نيكوليتا جيوردانو أن عددا كبيرا جدا من المهاجرين يتعرضون خلال هذه الرحلات “للاستغلال الشديد والعنف والإساءة، مما يؤكد على الحاجة إلى إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان وحماية المعرضين للخطر.”
وأقرت المنظمة بجهود السلطات الليبية في التحقيق في هذه الوفيات وحثتها، إلى جانب وكالات الأمم المتحدة الشريكة، على ضمان انتشال جثث المهاجرين المتوفين وتحديد هوياتهم ونقلها بكرامة، مع إخطار ومساعدة أسرهم.
وأضافت المنظمة أنها تواصل تقديم المساعدة الإنسانية للمهاجرين المعرضين للخطر في ليبيا، وتعمل على تعزيز قدرة السلطات المعنية على إجراء عمليات البحث والإنقاذ في الصحراء وفي البحر، بما في ذلك التدريب على التزامات حقوق الإنسان وضمان أن تكون إدارة الحدود متوافقة مع القانون الدولي، مع اتباع نهج يركز على الحماية لمساعدة الأكثر عرضة للخطر.
من جانبها، أكدت النيابة العامة الليبية أنه تم العثور على 28 جثة في مقبرة جماعية لمهاجرين غير شرعيين، وأضافت أنها أمرت بعرض ثلاثة ممّن قبض عليهم على سلطة التحقيق ضمن التحقيقات في الدعوى العامة ضد منظمة إجرامية تمتهن تهريب المهاجرين، والاتجار بالبشر في جنوب شرق البلاد.
وأوضح مكتب النائب العام أن منتسبي فرع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، في منطقة الجنوب الشرقي تتبعوا المعلومات التي كشفت عن تنظيم عمليات هجرة غير مشروعة، واتجار بالبشر شمالي مدينة الكُفرة، حيث تم الكشف عن وجود عصابة تعمّد أفرادها حجز حرية مهاجرين غير شرعيين وتعذيبهم وتعريضهم لضروب من المعاملة القاسية والمهينة وغير الإنسانية.
وأعلن المكتب أن منتسبيه قاموا بمساندة عناصر كتيبة سبل السلام التابعة للجيش الوطني، بالانتقال إلى مكان احتجاز الضحايا حيث تولوا تخليص 76 مهاجرا من وضع الاحتجاز القسري، ثم أجروا معاينة محل الجريمة، وتابعوا استخراج 28 جثة عُثر عليها مدفونة في محيط محل الاحتجاز فتمت الاستعانة بالطب الشرعي لفهم أسباب وفاتها، وأخذت في توثيق شهادات الضحايا المحتجزين ووجهت بعرض ثلاثة ممن قبض عليهم على التحقيق.
وأكد مسؤولون ليبيون العثور على نحو 50 جثة في مقبرتين جماعيتين في صحراء جنوب شرق البلاد، وقالوا إن أول مقبرة جماعية تضم 19 جثة عثر عليها في مزرعة بمدينة الكفرة، كما تم العثور على مقبرة جماعية أخرى بها ما لا يقل عن 30 جثة في نفس المنطقة بعد مداهمة مركز للاتجار بالبشر .
ويرى مراقبون، أن الجرائم التي تستهدف المهاجرين غير الشرعيين باتت تشكل وصمة عار على جبين الإنسانية ككل، وهي مستمرة منذ سنوات، حيث يتم قتل المهاجرين القادمين من الصحراء الأفريقية وما وراءها بدم بارد من قبل مسلحين يحترفون الاتجار بالبشر وغالبا ما يشترون المهاجرين من شبكات أخرى ويظلّون بأسرهم طلبا للفدى مقابل الإفراج عنهم، وفي حالات كثيرة يحصلون على المال ويقتلون المحتجزين لديهم ويدفنون في مقابر جماعية .
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإن بعض جثث المهاجرين التي عثر عليها في مقبرتين جماعيتين في ليبيا تحمل آثار إصابات بالرصاص، فيما يعتقد أن أحد الموقعين يحتوي على ما يصل إلى 70 جثة.
وبحسب مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة، فإن 22 في المئة من بين 965 حالة وفاة واختفاء مسجلة في ليبيا في عام 2024 حدثت على الطرق البرية، وهو ما يسلط الضوء على المخاطر التي يواجهها المهاجرون على الطرق البرية التي غالبا ما يتم التغاضي عنها، حيث لا يتم الإبلاغ عن الوفيات بشكل متكرر.
وشددت على أن تعزيز جمع البيانات وجهود البحث والإنقاذ وآليات حماية المهاجرين على طول هذه الطرق أمر بالغ الأهمية لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح.
______________________