وجود روسيا المتصاعد في ليبيا، ومحاولاتها المستمرة لخلق مواطئ قدم جديدة لها في البلاد بقواعد عسكرية توسعت الآن نحو الجنوب، يخلق قلقاً دولياً واسعاً على اعتبار أن ليبيا بوابة إفريقيا نحو أوروبا.
وفي سياق تصاعد هذا النفود، قال موقع مجلة فورين بوليسي إن منشأة بحرية روسية بديلة، قد تقام أيضًا في ميناء طبرق شرق ليبيا.
وأضاف الموقع في تقرير له، أن البحرية الروسية تبحث عن ميناء تحت سيطرة حفتر، مشيراً إلى أن وسائل إعلام سورية ذكرت في أواخر يناير أن عقد إيجار روسيا لمدة 49 عامًا لميناء طرطوس السوري، قد تم إلغاؤه.
وأوضح الموقع أن إنشاء منشأة بحرية شرق ليبيا يسمح لموسكو بالاحتفاظ بقدراتها في غرب إفريقيا مع توفير مركز استراتيجي ضد حلف شمال الأطلسي على البحر الأبيض المتوسط.
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى القاعدة في معطن السارة، فإن موسكو تنقل معداتها إلى القواعد الجوية الليبية في الخادم والجفرة لتكون بمثابة مركز للعمليات في إفريقيا.
ولفت إلى أن القواعد الروسية الاستراتيجية في شرق ليبيا من شأنها أن تمنح حفتر المزيد من القوة في المفاوضات التي تيسرها الأمم المتحدة حول مستقبل ليبيا، ما قد يطيل أمد الجدول الزمني للانتخابات.
كما أشار الموقع إلى أن هذه التطورات تتفق مع استراتيجية روسيا لإنشاء قواعد عسكرية متعددة في ليبيا، مشيراً إلى أن قاعدة معطن السارة تمكّن موسكو من التحكم في طرق الإمداد وتسهيل حركة المعدات والأفراد إلى منطقة الساحل الإفريقي مع تجنب التدقيق الدولي للموانئ والمطارات الرئيسية، وذلك وفق ما نقله عن منصة إيكاد للتحقيق في الشرق الأوسط.
ويشير مراقبون إلى أن التوسع العسكري الروسي في ليبيا يعكس رغبة موسكو في تعزيز نفوذها في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، مستغلةً الفراغ الاستراتيجي الناجم عن التغيرات في الشرق الأوسط.
ويبدو أن روسيا تسعى إلى جعل ليبيا نقطة انطلاق رئيسية لعملياتها العسكرية والاستخباراتية، خصوصًا في ظل التنافس الدولي المتزايد على الموارد والنفوذ في القارة الأفريقية.
وقبل أسابيع، رجح تقرير لموقع “ميليتري أفريكا” أن ليبيا أصبحت تمثل قاعدة عمليات جديدة لموسكو في البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا، مشيراً إلى منح حفتر في يناير الماضي، القوات الروسية السيطرة على قاعدة معطن السارة الجوية بالقرب من الحدود بين تشاد والسودان.
وقاعدة السارة التي تقع أقصى جنوب ليبيا، هي آخر القواعد التي تشير تقارير استخباراتية أن القوات الروسية بدأت الانتشار فيها.
ونشر التقرير صوراً من الأقمار الصناعية تفيد بقيام مرتزقة روس بتوسيع قاعدة السارة، موضحاً أن روسيا كانت تدير سابقاً ميناء عسكرياً وقاعدة جوية على الساحل السوري لدعم عملياتها في المنطقة، لكن التغييرات في القيادة السورية دفعت موسكو إلى البحث عن بدائل.
ومنذ أسابيع، ظل المصدر يرصد طائرات شحن عسكرية روسية من طراز “أنتونوف “AN-124 في قاعدة حميميم الجوية بسوريا، تقوم بتحميل معدات عسكرية استعدادا لنقلها إلى ليبيا.
وارتفع معدل الرحلات اليومية بين سوريا وليبيا، حيث يسعى المسؤولون الروس إلى مواقع بديلة بعد فقدانهم نفوذهم في دمشق.
وينقل عن تقارير استخباراتية أن عدد القوات الروسية في ليبيا ارتفع من 800 جندي في شباط /فبراير 2024 إلى 1800 جندي بحلول مايو من العام نفسه.
ووفقاً لاتحاد التحقيقات “كل العيون على فاغنر”، فقد رصدت أنشطة روسية في نحو عشرة مواقع في ليبيا، بما في ذلك ميناء طبرق، حيث تم تسليم معدات عسكرية.
وأكد نقل روسيا رادارات وأنظمة دفاع من سوريا إلى ليبيا، بما في ذلك بطاريات إس-300 وإس-400 المضادة للطائرات.
ولفت إلى أن روسيا تدير حالياً أربع قواعد جوية رئيسية في ليبيا، بما في ذلك قاعدة الخادم التي يُرجح أن تستضيف “الفيلق الأفريقي” الروسي.
ووفقاً للتقرير، يرى خبراء أن ليبيا قد تخدم غرضاً استراتيجياً مماثلاً لسوريا في عهد الأسد بالنسبة لروسيا، حيث تتيح لها تحدي النفوذ الغربي وتوسيع نفوذها في أفريقيا، إلا أن روسيا تواجه تحديات في ليبيا بسبب تعقيد البيئة السياسية الليبية، كما أن ليبيا تفتقر إلى مرافق الموانئ العميقة التي تسهل العمليات اللوجستية البحرية.
وفي السياق، قالت صحيفة الغارديان نقلاً عن دراسة للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن القاعدة الروسية في ليبيا هي البديل الأكثر ترجيحًا لطرطوس، مشيرة إلى أن الخطوة قد تجعل أسطول روسيا المريض في المتوسط رهينة لحفتر واختياره المستقبلي لحلفائه، بحسب الدراسة.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن ميناءي طبرق وبنغازي بدائل محتملة لروسيا في البحر الأبيض المتوسط بعدما أصبحت سيطرتها في البحر على المحك عقب سقوط بشار الأسد.
وجاء عن ا أن الميناءين بشرق البلاد تحت سيطرة حفتر، وأن هناك بالفعل ما يقدر بنحو 2000 مرتزق روسي في المنطقة، وفق الغارديان.
وسبق وأن قالت منصة المراسل الروسية، “إن قوات خليفة حفتر تعمل على إعادة تأهيل قاعدة معطن السارة الجوية في أقصى الجنوب الشرقي”.
وأضافت أن القاعدة ستُستخدم لتمركز وحدات من الفيلق الأفريقي التابع للقوات المسلحة الروسية، التي تنتشر حاليًّا في قاعدة الجفرة الجوية، وفق قولها.
ولفتت المنصة إلى أن موقع قاعدة معطن السارة يجعلها بعيدة عن مدى الطائرات والهجمات المحتملة للأعداء، ما يعزز قدرات الطائرات الروسية من طراز سو 35 اس المتمركزة هناك في اعتراض صواريخ كروز الاستراتيجية، بحسب المنصة.
____________