علاء حموده
البعض يتخوف من التقسيم… وآخرون يعدونه حلاً لإنهاء الخلاف حول السلطة
عاد الجدل السياسي والدستوري في ليبيا بشأن دعوة للعودة إلى «الحكم الفيدرالي»، وذلك على خلفية تصريحات نائب رئيس «المجلس الرئاسي» موسى الكوني عن «ضرورة العمل بنظام الأقاليم الثلاثة بمجالس تشريعية مستقلة».
وتباينت آراء ساسة وقانونيين ليبيين بشأن ما ذهب إليه الكوني، الذي جدد الحديث عن النظام الفيدرالي، أو النظام شبه الفيدرالي ليكون نموذجاً لحكم محلي لأقاليم ليبيا الثلاثة (فزان) و(برقة) و(طرابلس)، مع تقاسم للسلطة والثروة، بقصد إنهاء الخلافات حول السلطة.
وألغي النظام الفيدرالي في ليبيا عام 1963، من خلال التعديل الدستوري بالقانون رقم (1) لسنة 1963 الذي اعتمد نظام الدولة الموحدة.
المعارضون لهذا النظام السياسي يتمسكون برفضه بوصفه مقدمة لـما عدوه «تقسيم ليبيا»، ومن بينهم عضو مجلس النواب علي التكبالي، الذي حذّر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «مغبة تمزيق الدولة إلى دوليات بحثاً عن مصالح شخصية تحت شعار الفيدرالية».
وهنا يتساءل الناشط السياسي الليبي محمد علي المبروك قائلاً: «ألا يكفي ليبيا أن تكون مقسمة إلى جهتين ليزيدوها تقسيماً لتصبح ثلاث جهات ما يمهد للتقسيم الفعلي». وذهب بعض السياسيين للحديث عن ما سموه «المخطط الغربي»، وأنه يقف وراء الدعوات إلى «الفيدرالية» من بينهم رئيس «حزب الكرامة» أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة يوسف الفارسي، الذي وصفها بـ«المشروع الفاشل ذي الآثار الوخيمة على مستقبل البلاد»، وفق تصريح لـ«الشرق الأوسط».
أما وكيل وزارة الخارجية السابق حسن الصغير فقد أدرج دعوة «الأقاليم الثلاثة» ضمن ما يعتقد أنها «مغازلة من جانب الكوني لأبناء إقليم فزان إظهاراً للحرص على حقوقهم».
ودائماً ما تتكرر الدعوات لـ«الفيدرالية» منذ إسقاط نظام القذافي عام 2011، إذ ظهرت في شرق ليبيا تعويضاً عن سياسة «التهميش» التي عانتها المنطقة.
وقتذاك جرى إعلان (برقة) إقليماً فيدرالياً في 24 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2013، كما تشكلت حكومة محلية تتكون من 24 حقيبة لتسيير شؤون (الإقليم) استناداً إلى الدستور الذي أقر عقب استقلال ليبيا عام 1951.
وهنا يستعيد دعاة «الأقاليم الثلاثة» حديثاً سبق أن طرحوه استناداً إلى نشأة الدولة في عهد الملك إدريس السنوسي عام 1951 وفق نظام فيدرالي بمجالس تشريعية محلية، وحكومات محلية في كل إقليم.
ويتمسك القيادي في «التيار الفيدرالي» أبو بكر القطراني، بفكرة العودة إلى «خيار الأقاليم الثلاثة الذي لطالما طالب به تياره منذ فبراير (شباط) عام 2011»، في ظل ما عده «ظلم الإدارة المركزية المجحفة في حق الأقاليم».
وعدّ القطراني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الدولة الاتحادية «بداية الطريق لعودة ليبيا إلى وضعها الطبيعي بين الدول في محيطها الإقليمي والدولي بعد رحلة تيه».
وفي محاولة لإثبات صحة رأي أنصار «التيار الفيدرالي»، فإن المحامي والحقوقي فرج العجيلي أعاد التذكير بمطالبة سبق أن طرحها في 2011 بالنظام الفيدرالي، وتحذيره في مقال منشور بإحدى الصحف المحلية من «متاهات لا تحمد عقباها حال عدم الرجوع لدستور 1951».
ومن بين أنصار التيار الفيدرالي، من استقبل دعوة الكوني بتحفظ، ومنهم عضو «ملتقى الحوار الوطني الليبي» بالقاسم محمد النمر، الذي تحدث عن «التفاف محتمل» على مطالب الكوني ممن وصفهم بـ«قوى الأمر الواقع» التي تروج لـ«حكم محلي أيضاً بوحدات إدارية».
دستورياً، فإن الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور تعيد التذكير بأن «النظام الفيدرالي لم يحصل على النصاب الكامل لاعتماده ضمن مسودة الدستور»، وفق رئيس الهيئة نوح عبد السيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «الهيئة هي الجهة المختصة الوحيدة بعرض نظام الحكم على الشعب عن طريق الاستفتاء».
ويرى عبد السيد أنه «لا يحق للكوني بصفته عضواً في المجلس الرئاسي طرح أي نظام للحكم، وكان يتوجب عليه تنفيذ قانون الاستفتاء على مشروع الدستور بصفته من الجهات التنفيذية في الدولة».
وبين معسكر المؤيدين والمعارضين، يذهب عضو «المجلس الأعلى للدولة» فتح الله السريري، إلى الاعتقاد أن «إنقاذ ليبيا يبدأ من إقرار نظام المحافظات وليس الأقاليم».
ويقترح السريري لـ«الشرق الأوسط»، أن «يكون المحافظ رئيس حكومة مصغرة بصلاحيات إدارية ومالية عدا ما يتعلق بالأمور السيادية (الجيش، والاستخبارات العامة، والقضاء، والأمن الداخلي، والأجهزة الرقابية)».
ووفق رؤية السريري «تكون المحافظات ذات سلطات تنفيذية وتنظيمية دون إصدار القوانين»، على أن يتم «منحها 60 في المائة من الميزانية العامة، ويؤول الباقي من هذه الميزانية للحكومة المركزية».
أما عضو «المجلس الأعلى للدولة» أحمد أبو بريق فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «شكل الدولة ونظام الحكم من الأمور التي يجب أن يكون للشعب الليبي رأي فيها».
_____________