علاء حموده 

وسط ترقب سياسي ليبي لـ«خارطة طريق» من المزمع أن تخرج عن اجتماعات لجنة الخبراء الاستشارية المكلفة من جانب الأمم المتحدة، تباينت وجهات نظر أعضاء في الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور من المسار الأممي والمخرجات المنتظرة للجنة الاستشارية.

عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور د.الهادي بوحمرة يحذر من «تمكين البعثة الأممية من الوثيقة الحاكمة لمستقبل ليبيا»، وهي الرؤية التي تتبناها أيضا عضوة «التأسيسية» نادية عمران.

في المقابل، لا يبدي رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور نوح عبدالسيد قلقا من مخرجات اللجنة الاستشارية، بل على العكس يقول إن «أعضاء اللجنة ليبيون ولهم رؤيتهم وربما يتوصلون إلى مقترح لحل الأزمة».

اختراق لـ«تأسيسية الدستور»

وتفصيلا يتحدث بوحمرة وهو أستاذ قانون دستوري بجامعة طرابلس عن «عجز البعثة سابقا عن اختراق هيئة صياغة الدستور، ويرى الآن أنها تحاول «اختراق عمل الهيئة بواسطة لجان جانبية تؤلفها من ليبيين تختارهم وفق مقاسات لا تعلمها إلا هي، وتسعى من خلالها للتمكن من الوثيقة الحاكمة لمستقبل ليبيا»، حسب ما ذكر في تصريح إلى «بوابة الوسط».

وسبق أن أوكل قرار صادر عن مجلس الأمن للجنة الاستشارية مهمة النظر في الإطار الانتخابي الحالي، وتقديم خيارات لمعالجة القضايا الخلافية الجوهرية التي تحول دون إجراء الانتخابات الليبية ضمن مهلة زمنية محدودة.

واتهم بوحمرة، «عديد النخب وأصحاب المصالح والمسلمات بعرقلة الاستفتاء على وثيقة حاكمة من وضع هيئة انتخبها الشعب بالاقتراع العام الحر السري المباشر»؛ مرجعا هذا الرفض إلى أن «هذه الوثيقة لم تتوافق مع رؤاهم الخاصة، ولم تسمح لهم بالمكانة التي يريدون، ومنعوا الناس من الصندوق خوفا من إقرارها»، وفق تعبيره.

ومن منظوره أيضا، فإن رفض الاستفتاء على الدستور «فتح الأبواب على مصرعيها لاستمرار حكم المليشيات، ودفع بالوضع إلى التعرج مع تعرجات البعثة الأممية، من تونس والمغرب والقاهرة إلى جنيف وبرلين وغيرها»، بل ويعتقد أن «هذا المسار سهل أن تسلك البلاد متاهات الدول الأجنبية، والتي قادتها إلى هذا القاع السحيق، وانتهت بها إلى القمع والاستبداد والامتهان».

وحذر بوحمرة مما وصفه بـ«تمكين الأجنبي من الدستور، والسماح له بفرض رؤيته فيه، ورسم أحكامه»، عادا ذلك «أشد خطورة من التمكين له بقاعدة عسكرية، أو بسلب موقت للإرادة».

موعد تقرير اللجنة الاستشارية

وأوكلت البعثة الأممية في شهر فبراير الماضي للجنة الاستشارية مهمة النظر في الإطار الانتخابي الحالي، وتقديم خيارات لمعالجة القضايا الخلافية الجوهرية التي تحول دون إجراء الانتخابات الليبية ضمن مهلة زمنية محدودة، حسب قرار صادر عن مجلس الأمن.

ومع تواصل أعمال اللجنة منذ انتهاء إجازة عيد الفطر المبارك، قال مصدر مقرب من اللجنة الاستشارية المكلفة من قبل الأمم المتحدة لـ«بوابة الوسط» إنه من «المأمول أن يصدر التقرير النهائي بشأن توصياتها لمعالجة النقاط الخلافية في العملية الانتخابية نهاية هذا الأسبوع»، لكنه أشار إلى أن هذا الموعد «قابل للتمديد».

وفي سياق التحفظات أيضا على المسار الأممي واللجنة الاستشارية، لا تتوقع عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور نادية عمران «توافق أعضاء اللجنة على نتائج تفضي إلى حل توافقي سياسي أو قانوني في ليبيا، إلا لو فرضت بعثة الأمم المتحدة ذلك الحل عبر بعض الأطراف الدولية».

واستندت عمران في تصريح إلى «بوابة الوسط» إلى «مسارات سابقة اتخذتها البعثة الأممية منذ سنوات باءت بالفشل»، وتحدثت عما وصفته بأنه «تخبط واضح منذ تولي المبعوث الأممي الأسبوق غسان سلامة رئاسة البعثة، وتشكيل لجان حوار ودستورية وتوافقات»، مشيرة إلى «تجاهل البعثة الأممية للحلول الحقيقية في ليبيا باحثة عن أسس دستورية ولديها مشروع للدستور أنجزته هيئة منتخبة».

وقالت عضوة الهيئة «البعثة الأممية أوهمتنا أن دور اللجنة تقديم اقتراحات، لكن تبين أنها تبحث في الأساس الدستوري وآلية الانتخابات التشريعية والرئاسية، وأنها تدرك الحلول».

هل من لوم على الأمم المتحدة؟

في المقابل، لا يبدي رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور نوح عبدالسيد قلقا من مخرجات اللجنة الاستشارية، بل إنه يذهب للقول لـ«بوابة الوسط» إن «أعضاء اللجنة ليبيون ولهم رؤيتهم، وربما يتوصلون إلى مقترح لحل الأزمة».

وأضاف «لو لم يكن هناك رضا من الفاعلين بهذه التدخلات في ليبيا لما استطاعت الأمم المتحدة فرض أية وصاية أو حتى مجرد التدخل في الشأن الليبي»، وتابع «لن ألوم الأمم المتحدة أو أي دولة تتدخل في ليبيا طالما هناك من يصفق لهم تشجيعا، ويذلل لهم الطريق للسير فيه».

وتعول الأمم المتحدة على نتائج لجنة الخبراء الاستشارية، وهو ما عكسه تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي وصف عملها بأنه «خطوة حاسمة لإحياء عملية سياسية شاملة يقودها الليبيون، ويتولون زمامها للحفاظ على الاستقرار وتمكين الطريق نحو إجراء انتخابات وطنية وإعادة توحيد مؤسسات الدولة»، ضمن أحدث تقرير قدمه غوتيريس إلى مجلس الأمن.

ومع ذلك فإن المحلل الليبي محمد الشحاتي لا يتفق مع النظرة الأممية بأن «الانتخابات هي الهدف النهائي»، بل إنه عدها «هدفا نهائيا محتملا للمبعوثة الأممية تيتيه»، وهنا يقول «نحن الليبيين هدفنا النهائي استعادة الدولة ووحدتها وأمنها وأمانها، هذه النظرة الجزئية هي ما تعاني منه البعثة وهو مستغرب جدا في نظري».

وتواجه ليبيا صعوبات سياسية وأمنية لتجاوز عقد من الفوضى والانقسامات بين حكومة مقرها في طرابلس بقيادة عبدالحميد الدبيبة، وأخرى في الشرق برئاسة أسامة حماد ومكلفة من مجلس النواب.

_____________

مقالات مشابهة