عبدالله الكبير
كل الذرائع التي تم تسويقها لتبرير منع عبور قافلة الصمود من بوابة مدينة سرت، كانت باطلة وزائفة ولم تخف السبب الحقيقي للمنع.
فكل من دخل مع القافلة إلى ليبيا عبر بوابة رأس جدير فحصت السلطات الأمنية جواز سفره وتأكدت من هويته ومنحته ختم الدخول، ومن ثم فالادعاء بوجود عناصر مطلوبة أو مشتبه بها غير صحيح، و اتهام القافلة بأنها تضم جهاديين أو دواعش كان مثل صدى لما أعلنه وزير الحرب في دولة الاحتلال.
عندما تنامى إلى علم سلطات دولة الاحتلال نبأ تحرك النشطاء نحو رفح، لتنظيم حراك دولي واسع يهدف إلى كسر حصار العصابات الإرهابية الصهيونية على غزة، بوصول بعضهم إلى مصر عبر الطيران، وتحرك قافلة الصمود من تونس، وإعلان الآلاف من المصريين رغبتهم المشاركة في هذا الحراك، صرح وزير الحرب في كيان الاحتلال أنه ” يتوقع من السلطات المصرية أن تمنع وصول الجهاديين والمخربين إلى رفح، ولا تسمح لهم بالقيام باستفزازات للدخول إلى غزة وهو ما يعرض الجنود للخطر“.
توقعات قادة الكيان الإرهابي ليست مجرد توقعات، بل أوامر ينفذها المتواطئون والمتخاذلون على الفور، فيهرعون لجمع النشطاء وحصرهم وتسليط البلطجية للإعتداء عليهم، ثم حملهم عنوة إلى المطار وتسفيرهم، فيما يتولى المتواطئون والمتخاذلون من الدرجة الأدنى منع القادمين عبر الطريق البري من التقدم، قبل حدود دولة الكيان بنحو ألفي كيلومتر.
جمعت القافلة مدنيون من أطياف سياسية واجتماعية متنوعة، من بلدان مغاربية عرفت شعوبها بتضامنها ودعمها المطلق للشعب الفلسطيني، لا يحملون أسلحة أو أجندة سياسية تمس أمن دول العبور، هدفهم واحد ورسالتهم للعالم واضحة.
كسر الحصار عن غزة و إدخال المساعدات للمحاصرين، وما كانت السلطات في تونس و الجزائر وليبيا التي واجهت طوال عدة سنوات من الهجمات الإرهابية، لتسمح أو تتسامح مع أي عناصر إرهابية تتحرك على أراضيها وتمر من بواباتها الحدودية.
قوبلت القافلة بترحيب وكرم منقطع النظير في مدن وقرى الغرب الليبي، إذ كانت كل المدن مستعدة بكل ما يلزم لاستقبالها، وعلى مشارف سرت منعت القافلة من التقدم، رغم بيانات رسمية أعربت عن الترحيب بها، ولكن وكيل السلطة المصرية هناك كان له رأي آخر.
لم تكتف عصابات حفتر بمنع القافلة من مواصلة طريقها، والالتحام بنشطاء وفدوا ويتوافدون على مصر من ثمانين دولة، للإنطلاق في تظاهرة ضخمة من مدينة العريش إلى معبر رفح، بل عمدت إلى مضايقاتها، واعتقال بعض نشطائها، والاعتداء عليهم بالضرب، وتهديدهم بالسلاح، ومصادرة هواتفهم، والسطو على أموالهم.
وإزاء هذه التطورات وإصرار العصابات على منعها من مواصلة طريقها، قفلت القافلة عائدة، بعد إفراج عصابات حفتر عن النشطاء المعتقلين، وأكملت مسيرها نحو تونس، وقد تركت أثرا لا يمحى على طريق تضامن الشعوب المغاربية مع القضية العربية الفلسطينية، وحملت العصابات التي منعتها، وكل من ساندها في هذا الموقف الشاذ عارا و وزرا لن ينسى.
لم تصل القافلة إلى هدفها الأسمى المنشود، ولم يقدر للمسيرة العالمية أن تنطلق وتستنهض الضمير العالمي، وتربك حسابات العصابات الإرهابية المحتلة، لكنها نالت شرف المحاولة، و بينت حجم التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية، وكشفت وفضحت في الوقت نفسه السلطات الذليلة الجبانة أمام العدو، المستأسدة على الشعوب المستضعفة المقهورة من سرت حتى آخر خيمة نزوح في الجانب الآخر من رفح.
_______________