المهدي هندي

في ليبيا المشهد السياسي لا يزال يغرق في بحيرة من التوافقات التي تُثير أكثر مما تحلحل وسط أجواء من الشكوك والتردد التي ترافق كل خطوة نحو تحقيق الانتخابات.

اللجنة الاستشارية للحل السياسي أعلنت عن تعديل دستوري وقوانين انتخابية لكن الواقع يقول إن هذه المخرجات أبعد ما تكون عن الطموحات الشعبية، وأقرب إلى صيغ «تفصيلية» تحكمها مصالح فئة على حساب أخرى.

تعديل الإعلان الدستوري والذي من المفترض أن يكون العمود الفقري للعملية السياسية، تحول إلى ساحة صراع جديدة. مؤيدوه يرون فيه ضرورة قانونية، لكن المعارضين يحذرون من «لعب بالنار» إذ يمكن أن يصبح ورقة تُستخدم لإقصاء خصوم سياسيين، وتمكين آخرين في لعبة مكشوفة.

أما قوانين الانتخابات فتعكس حالة استقطاب عميقة؛ شروط الترشح للرئاسة والبرلمان تبدو وكأنها تصاميم خاصة تخدم حسابات ضيقة وتهمش الشارع الليبي الذي ينتظر تمثيلًا حقيقيًا.

لكن اللجنة الاستشارية لم تقف عند هذا الحد فقد طرحت أربعة خيارات للحل، آخرها فكرة لجنة حوار سياسي أو مجلس تأسيسي ، في محاولة لتجاوز التجاذبات بين مجلسي النواب والدولة والوصول إلى توافق وطني أوسع.

هذه الخطوة جاءت بعد جهد ملحوظ لاستطلاع رأي الشارع عبر منصات إلكترونية واجتماعات مع الأحزاب والشباب والمجتمع المدني، في محاولة لكسر جدار الفجوة بين النخب والشعب.

على الضفة الأخرى تحركت الأمم المتحدة بديبلوماسية حذرة، حيث زارت المبعوثة هنا تيتيه العاصمة طرابلس، والتقت مع قيادات المجلس الأعلى للدولة ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ، لتعلن عن خطة سياسية تحمل وعودًا بالتقدم لكنها رهينة بموافقة مجلس الأمن والمرتقبة في 21 أغسطس 2025.

وهنا يكمن السؤال الكبير:

هل تستطيع هذه الخطة أن تخرج ليبيا من متاهة الأزمات المتكررة؟ أم أنها ستبقى مجرد حلقة أخرى في مسلسل طويل من الاتفاقات التي لا تصل إلى أرض الواقع؟

الشعب الليبي الذي تعب من الوعود، ينتظر بقلق والوقت يمر والنوافذ السياسية تضيق، والمشهد الدولي مشغول بأزمات أخرى قد تدفع ليبيا إلى أسفل سلّم الأولويات.

وإذا لم تلتقي مصالح الدول الكبار في هذه اللحظة التاريخية مع إرادة وطنية صادقة فسوف يتغير السؤال الصعب للمقاربة الليبية من متى سننتخب؟إلى هل بقي لنا ما ننتخب لأجله؟!

______________

مقالات مشابهة