تسريبات تفيد بأن قوات مقربة من الدبيبة قامت بإدخال مسيّرات عبر حدود إحدى دول الجوار الليبي بمساعدة الملحق العسكري الأوكراني في تلك الدولة.

دعا النائب العام الليبي الصديق الصور إلى فتح تحقيق عاجل وجمع الاستدلالات بشأن معلومات وردت من مناطق الجنوب، تفيد بحصول بعض حركات المعارضة الأفريقية على طائرات مسيّرة من منشأ أوكراني، وسط شبهات بتورط جهات عسكرية ودبلوماسية في تسهيل وصول تلك المعدات عبر إحدى الدول الشقيقة.

وأكد الصور أن مكتب النائب العام يتعامل مع هذه المعلومات بجدية بالغة، وتابع أن التحقيقات ستشمل تتبع مسارات الدعم اللوجستي وتحديد الأطراف المتورطة، سواء داخل ليبيا أو خارجها، مشددا على أنه في حال ثبوت صحة هذه المعلومات، ستتم إحالة الملف بالكامل إلى المحاكم الدولية المختصة، لمقاضاة كل من يثبت تورطه في انتهاك القوانين الدولية أو تهديد الأمن الإقليمي.

وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد المخاوف من استخدام الأراضي الليبية كنقطة عبور للأسلحة المتطورة، في وقت تشهد فيه المنطقة توترات أمنية متزايدة.

وقالت تسريبات إعلامية إن قوات مقربة من رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة قامت بإدخال دفعة جديدة من المسيّرات عبر حدود إحدى دول الجوار الليبي بمساعدة الملحق العسكري الأوكراني في تلك الدولة وبمرافقة خبراء أوكرانيين في التشغيل والصيانة.

وترى أوساط مطلعة أن الدبيبة مرتبط بعلاقات وطيدة مع أوكرانيا لكنه تعمد أن تبقى طي الكتمان وأن الحصول على المسيّرات من كييف جاء في إطار محاولة التنسيق بين الطرفين لمواجهة النفوذ الروسي، وبعد أن أعربت تركيا عن رفضها استعمال طائراتها المسيّرة من قبل سلطات طرابلس في أيّ مواجهات داخلية.

وأكدت الأوساط أن وصول المسيّرات الأوكرانية إلى غرب ليبيا كان منتظرا، لاسيما بعد انتشار عدد كبير منها في مناطق القتال بدول الساحل والصحراء وخاصة في شمال مالي لدعم حركة أزواد، وفي السودان لتقوية شوكة الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، دون أن تستبعد إقدام كييف على توفير مسيّرات حديثة للجماعات المتشددة النشطة ضد أنظمة مرتبطة بتحالفات إستراتيجية مع روسيا مثل بوركينا فاسو والنيجر ومالي.

وفي أوائل أغسطس الجاري، تمكن مسلحون من جهاز “قوة الردع الخاصة” بقيادة عبدالرؤوف كارة من إسقاط ثلاث طائرات استطلاع مسيّرة أوكرانية الصنع، كانت تحلّق فوق قاعدة معيتيقة الجوية، وهو ما تم اعتباره نقطة تحول في ظل اتساع نذر المواجهة في العاصمة طرابلس بين الردع والدبيبة.

وبحسب تقارير إعلامية، فإن تلك المسيّرات جرى تهريبها إلى ليبيا عبر وسطاء في أذربيجان، في صفقة تضمنت ست طائرات، وصل نصفها إلى الأراضي الليبية في أواخر يونيو.

وفي السياق ذاته، كشفت مجلة “أجانب” الجزائرية عن حصول حكومة الدبيبة على طائرات مسيّرة من صنع أوكراني، في إطار تعاون تقني غير معلن بين طرابلس وكييف.
وقالت المجلة إنه تم نقل بعض هذه الطائرات عبر الأراضي الأذرية، بينما دخلت دفعات أخرى عبر الحدود الجزائرية، بمساعدة خبراء أوكرانيين مختصين في تشغيل وصيانة الطائرات المسيّرة. ولم يصدر أيّ إعلان رسمي بشأن هذا التعاون، كما لم يتم توثيقه علنًا.

وأضافت المجلة أن هذه المسيّرات استُخدمت في عمليات استطلاع وهجمات دقيقة داخل العاصمة طرابلس ومحيطها، في خطوة تهدف إلى تعزيز القدرات الاستخباراتية والعسكرية لحكومة الدبيبة على الأرض.

وبالتزامن، أعلنت المديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي في الجزائر عن إحالة بلاغ رسمي إلى المجلس الأعلى للأمن، يتعلّق بتورّط الملحق العسكري الأوكراني، العقيد أندري بايوك في أنشطة غير قانونية تهدّد الأمن القومي الجزائري، حيث استغل الحصانة الدبلوماسية لتنفيذ عمليات تهريب لطائرات مسيّرة من الأراضي الجزائرية إلى ليبيا، ليتم تسليمها لحكومة الدبيبة، وجماعات مسلّحة متطرفة موالية لها في إطار تحركات اعتبرها المراقبون تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار دول الجوار والمنطقة المغاربية.
وفي 21 يوليو الماضي، أعلن عن تعيين سفير جديد لأوكرانيا في الجزائر، خلفًا للسفير السابق الذي أبدى اعتراضه على تحركات بايوك، محذرا من تداعياتها السلبية على صورة البعثة الأوكرانية وعلى العلاقات الثنائية بين البلدين.

وفي أغسطس من العام الماضي، دخلت أوكرانيا بقوة ساحة الصراع الجيوسياسي بمنطقة الساحل الأفريقي، عندما أعلنت رسميا عن وقوفها إلى جانب الانفصاليين الطوارق وأعضاء من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين خلال عملية عسكرية في شمال مالي أدت إلى قتل عدد من الجنود الحكوميين ومسلحي مجموعة فاغنر الروسية.

وقال أندريه يوسوف، ممثل المديرية الرئيسية للاستخبارات في وزارة الدفاع الأوكرانية، إن المتمردين الماليين تلقوا المعلومات الاستخباراتية الضرورية التي مكنت من القيام بعملية عسكرية ناجحة ضد من سماهم مجرمي الحرب الروس.

ونشرت سفارة أوكرانيا في دكار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد فيه ممثل المخابرات الأوكرانية أن الطوارق تلقوا كافة المعلومات اللازمة خلال اشتباكاتهم مع الجيش المالي ومفرزة فاغنر، وهو ما يشير إلى اعتماد الانفصاليين والمتطرفين على صور وخرائط دقيقة حول تحركات القوات الحكومية ومسلحي فاغنر تم الحصول عليها عبر الأقمار الاصطناعية.

 ______________

مقالات مشابهة