محمد الصادق

في خضم التطورات المتسارعة على الساحة الليبية، يبرز الرفض الشعبي كحائط صد أمام المحاولات الأمريكية التركية الرامية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية المنقسمة.

وقد عبّر عن هذا الرفض بشكل واضح الحقوقي، ناصر الهواري، الذي أكد استحالة تنفيذ هذه الخطة في ظل المعارضة الشعبية الجارفة والواقع الأمني المتأزم.

جاء تصريح الهواري رداً على سؤال حول أسباب فشل المخطط الأمريكي – التركي لتوحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، حيث أشار إلى أن المظاهرات الحاشدة التي شهدتها العاصمة طرابلس والمدن الغربية الأخرى في الآونة الأخيرة تشكل تعبيراً صريحاً عن رفض الليبيين لأي محاولات لفرض حلول خارجية.

وأوضح أن “توحيد الجيش تحت راية الغرب” يعد مستحيلاً في ظل الاشتباكات المستمرة في العاصمة والصراع القائم بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة وقوات جهاز الردع.

هذا الموقف الشعبي تجاوز حدود الشارع ليجد صداه في الأوساط السياسية، حيث انضم عدد من السياسيين البارزين إلى رفض المخطط. ومن أبرزهم المعتصم السليماني أحد مؤسسي حراك صوت العدالة الذي وصف الخطة بأنها محاولة لتكريس التبعية للخارج وتجاوز للإرادة الوطنية الليبية.

كما حذر سياسيون آخرون من أن أي محاولة لتنفيذ هذه الخطة ستزيد من حدة التوترات وتؤجج الصراعات القائمة.

وأشار الهواري إلى أن الاشتباكات المستمرة في العاصمة طرابلس هي في الأساس مدعومة من أطراف خارجية، حيث قال إنه من المتوقع أن يحدث تصعيد عسكري في الفترة القادمة لاسيما وأن قوات مصراتة أصبح بحوزتها عتاد عسكري حديث ومتطور مثل الطائرات المسيرة الأوكرانية التي ثبت وجودها وفق ما تداولته وسائل الإعلام، وبالتالي فإن مسألة توحيد المؤسسة العسكرية في ظل الرفض الشعبي لخطط الغرب ووجود هذه القوات أمر صعب التنفيذ، وإن تم فسيكون وفقاً لأجندات خارجية وهو ما يتعارض مع مطالب الشعب الليبي.

وتكمن جذور الرفض الليبي في عدة عوامل أساسية، يأتي في مقدمتها الانقسام العسكري الحاد بين الشرق والغرب، وتصاعد الاشتباكات المسلحة في العاصمة طرابلس بشكل شبه أسبوعي.

كما يرى الليبيون في هذه الخطة محاولة لفرض أجندات خارجية تخدم مصالح واشنطن وأنقرة أكثر مما تخدم الاستقرار في ليبيا، خاصة في ظل غياب أي حوار وطني شامل يجمع الأطراف الليبية بعيداً عن الضغوط الخارجية.

وقد حذر مراقبون من أن إصرار الأطراف الخارجية على المضي قدماً في تنفيذ مخططها قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد والعنف، خاصة في ظل إصرار حكومة الوحدة الوطنية على تفكيك الأجهزة المسلحة غير التابعة لها.

كما أن استمرار الجمود العسكري والسياسي يعيق أي تقدم نحو إجراء الانتخابات التي طال انتظارها، مما يطيل أمد الأزمة الليبية.

في ختام تصريحه، دعا الهواري إلى ضرورة إيجاد حل وطني خالص بعيداً عن التدخلات الخارجية، معرباً عن اعتقاده بأن أي محاولة جادة لتوحيد المؤسسة العسكرية يجب أن تنبثق عن حوار ليبي شامل تشارك فيه جميع الأطراف المعنية.

كما شدد على أهمية إشراك المجتمع المدني في صياغة أي رؤية مستقبلية للمؤسسة العسكرية، مؤكداً أن ليبيا ليست ساحة لصراع النفوذ الدولي، وأن جيشها يجب أن يُبنى بإرادة أبنائها فقط.

ويبقى السؤال المطروح، هل ستأخذ الأطراف الدولية والداخلية في الاعتبار هذه الإرادة الشعبية الواضحة، أم ستستمر في محاولاتها لفرض حلول لا تراعي خصوصية الوضع الليبي وتطلعات شعبه؟

الإجابة عن هذا السؤال ستحدد إلى حد كبير مسار الأحداث في الفترة المقبلة.

_____________

مقالات مشابهة