عبدالله الكبير

بعد أيام قليلة تطرح المبعوثة الأممية إلى ليبيا السيدة حنة تيتيه خارطة طريق، هي الأولى منذ التسوية السياسية التي أشرفت عليها المبعوثة السابقة السيدة ستيفاني وليامز، في مسار تونس جنيف، وانتجت الحكومة الحالية والمجلس الرئاسي، مع بقاء المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، ولم يتحقق أي تقدم حقيقي نحو التغيير بإجراء انتخابات جديدة أو استفتاء على مسودة الدستور.

 حتى أكثر المتفائلين بجدية البعثة الأممية هذه المرة، بالنظر إلى توسعها في الحوار واللقاءات واستطلاعات الرأي، يترقب بحذر ولا يذهب بعيدا في التفاؤل بقدرة المبعوثة الأممية على فرض حلول، ستؤدي في النهاية إلى إزاحة سلطات الأمر الواقع، وتجديد الشرعية عبر انتخابات حرة ونزيهة

 المواقف الدولية و الإقليمية المتعارضة بسبب تباين المصالح تبدو مؤيدة للمسار الذي تخطه البعثة، وتعلن عن دعمها لمبادرة المبعوثة المرتقبة خلال إحاطة ستقدمها لمجلس الأمن، تتضمن مراحل التسوية السياسية بتشكيل حكومة موحدة بمهام محدودة، تمهد الطريق لتوحيد المؤسسات، ثم وضع جدول زمني للانتخابات.

  الكثير من تفاصيل المبادرة غير معروفة، وهذا مفهوم في إطار الحرص على السرية، تجنبا للاعتراض عليها والعمل على تقويضها من جانب الأطراف التي قد تجد فيها تهديدا لمصالحها ونفوذها، لذلك حرصت السيدة تيتيه في كل لقاءاتها مع المجتمعات المحلية على طرح الخطوط العريضة، دون سرد أي تفاصيل حول الخطوات التي يمكن أن تصل بالبلاد إلى ساعة الانتخابات، ودون إعلان الميل إلى مقترح محدد من المقترحات الأربعة التي قدمتها اللجنة القانونية.

الاجتماعات التي أشرفت عليها البعثة وجمعت اللجنة القانونية مع لجنة 6+6 تكشف أن البعثة سعت إلى معالجة الخلافات في قوانين الانتخابات، للوصول إلى صيغة قابلة للتنفيذ، والتأكيد على فصل نتائج الانتخابات التشريعية عن الرئاسية، وكذلك فرض الاستقالة التامة من أي منصب لكل من يترشح للانتخابات.

 القاعدة الدستورية للانتخابات هي نقطة خلاف أساسية بين أطراف النزاع، ولا يبدو واردا الذهاب للاستفتاء على مسودة الدستور، لأسباب واعتراضات متعددة تمتد من المحلي إلى الإقليمي والدولي

مؤكد أن عناصر النجاح النسبي الذي حققته المبعوثة الأممية بالإنابة السابقة ستيفاني وليامز، حاضرة في ذهن السيدة تيتيه، وأهمها هو تهميش مجلسي النواب والدولة بإشراك شخصيات سياسية من خارجهما، في أي تحضير أو صياغة لحوار سياسي، ولعل تشكيل اللجنة القانونية، بإشراف مباشر من البعثة، هو إعلان مبدئي على تهميشهما، لأن تفردهما بالقرار هو وصفة مثالية لإجهاض أي تغيير، بالتفنن في وضع العراقيل وزرع الألغام، والشواهد كثيرة ولسنا بحاجة لسردها.

 العامل الحاسم في أي تغيير، ستعمل عليه البعثة أو أي وسيط محايد، هو الحراك الشعبي السلمي الواسع والمنظم، و لا مؤشرات عليه حتى الآن باستثناء دعوات من شخصيات حزبية ونشطاء مدنيون، وجهت مباشرة للبعثة الأممية تدعوها إلى ضرورة إنهاء حالة الجمود والعمل والتحشيد من أجل الانتخابات.

 تتأرجح المبعوثة بين الممكن والمتعذر، والخشية تتلخص في تنفيذ الممكن وهو تشكيل حكومة جديدة، وتجنب المتعذر بسبب الظروف الإقليمية والدولية، وإصرار الطبقة السياسية على الاستمرار وتغليب مصالحها الصغيرة على المصلحة الوطنية الكبرى، وهذا يعني إعادة تدوير الأزمة بحلول صورية لا تؤدي إلى التغيير المنشود.

_________________

مقالات مشابهة