توضح الأمثلة العملية أدناه خمسة جوانب معينة من عملية الحوار الحزبي السياسي، وتستند إلى تجارب ميسري الحوار في بوليفيا، والإكوادور، وموزمبيق، ونيبال، وأوغندا.

مقدمة:

وعلى الرغم من حقيقة أنها تمثل عينة صغيرة نسبيا من الحوارات بين الأحزاب، فإن هذه الأمثلة تسمح للقارئ بالتفكير في حالات متعددة ومتنوعة في الحوار يمكن أجراؤها بين الأحزاب.

كما أنه توضح التحديات المتكررة التي يواجهها ميسري الحوار، وتقدم أمثلة على طرق الالتفاف على أخطر العقبات (على سبيل المثال، عدم وجود الثقة بين الأحزاب) باستخدام الأساليب الإبداعية والمثابرة.

وتشير كافة الأمثلة العملية إلى الصعوبة البالغة في بدء عملية حوار بين الأحزاب بشكل رسمي ومنظم في سياقات استقطاب سياسية عالية. ومن ناحية أخرى، فإنها تظهر أيضا أن انعدام الثقة الأولية بين الأحزاب وافتقار الأحزاب إلى الإرادة للدخول في حوار رسمي، لا ينبغي أن تؤخذ على أنها عقبة كأداء.

إن مبادرات بناء الثقة تتخذ أشكالا متعددة، من تنظيم أنشطة مشتركة، إلى بناء القدرات والتدريب على إدارة إعداد وإصدار دورية سياسية لعدد من الأحزاب، وإلى إنشاء مجموعات ومؤتمرات نسائية بين الأحزاب.

وتشير جميع الحالات بالفعل، إلى الأهمية الحاسمة لعامل الوقت، حيث يميل التغيير للحصول بصورة تدريجية جدا، على مدى سنوات وليس شهور.

تجربة بوليفيا (من شبكة صداقة إلى مؤسسة)

السياق

منذ أكثر من عقد من الزمن، كانت الأحزاب السياسية والنظام الحزبي في بوليفيا يمران في حالة أزمة. وفي ذلك الوقت، فإن صعود حركة شعبية بين صفوف السكان الأصليين تحت مسمى الحركة المناصرة للإشتراكية (الحركة) قد عمل على تجسيد مطالب التغيير الاجتماعي وزيادة المشاركة العامة في صنع القرار. وفي عام 2006، عندما فازت (الحركة) بأغلبية المقاعد النيابية في المجلس الوطني، وبالرئاسة أيضا، فقد تم تشكيل حكومة بقيادة (الحركة)، وجرى تنصيب (إيفو موراليس) رئيسا للبلاد.

وعندما جاء الرئيس موراليس إلى السلطة، وعد بأجندة إصلاح دستوري تنص على السماح للفئات المستبعدة والمهمشة بالحصول على صوت في السياسة. وعندما اشتبكت (الحركة) مع المؤسسة السياسية السابقة، أدت عملية وضع الدستور إلى المواجهة السياسية والعنف. وظل الحال على ذلك المنوال حتى عام 2008، عندما توصلت الحكومة والمعارضة إلى اتفاق على نص الدستور الجديد، وبعد ذلك تمت الموافقة عليه في استفتاء شعبي.

وقد أسفرت انتخابات عام 2009 عن إعادة الرئيس موراليس للحكم، ونالت (الحركة) أغلبية الثلثين في كل من الجمعية التشريعية المتعددة القوميات، ومجلس الشيوخ. وبفضل الأغلبية الواضحة، لم يكن لدى (الحركة) أية مشاكل الحصول على الموافقة لسياساتها العامة ومقترحاتها التشريعية.

ومع ذلك، عندما ام تعد هناك حاجة إلى دعم جماعات المعارضة، فقد تم تجاهل صوتهم، مما تسبب في المزيد من الإحباط والإستقطاب.

إنشاء المؤسسة

كما أن الإضطرابات التي حصلت في العقد الماضي، والتي تغيرت خلالها العلاقات بين الأحزاب بشكل جذري، مما أثرت على مستوى وطبيعة الحوار بين الأحزاب السياسية بطرق إيجابية وسلبية، قد أنعكست في التحديات التي تواجهها المؤسسة البوليفية من أجل الديمقراطية التعددية (المؤسسة)”.

وقد تم إنشاء (المؤسسة) في عام 2002 من قبل الأحزاب والحركات السياسية في بوليفيا، بدعم من المعهد الهولندي للديمقراطية متعددة الأحزاب، وذلك كرد على فقدان الشرعية في النظام الحزبي على نطاق واسع، مما شكّل محاولة لتغيير الثقافة السياسية، من المواجهة إلى نوع من المحاورة.

وقد بدأت (المؤسسة) باعتبارها مجموعة من الأفراد المهتمين من جميع الأحزاب البوليفية تقريبا والعالم الأكاديمي، وتطورت تدريجيا من منظمة تقوم على الصداقات بين السياسيين المتماثلين في طريقة التفكير من مختلف الأحزاب إلى منبر حوار أكثر مؤسساتيا. ومع مرور الوقت، بدأ بعض الأعضاء بالإعراب عن القلق إزاء الجانب الشخصي لروابط الصداقة، مما أدى في نهاية المطاف إلى إنشاء (المؤسسة).

وكجزء من عملية إضفاء الطابع المؤسسي على (المؤسسة)، فقد تم إنشاء مجلس إداري لها. وضمت الهيئة في عضويتها عشرة أعضاء: أربعة لتمثيل الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى ستة من المفكرين المستقلين وممثلي المجتمع المدني. وقد استند هذا التقسيم على فكرة أن (المؤسسة) عبارة عن معهد للأحزاب السياسية، وليس معهدا مؤلفا من الأحزاب السياسية، وقد تضمن ذلك أن كل حزب ممثل في مجلس (المؤسسة)، فقد كان له صوت متكافئ على قدم المساواة مع أي عضو من الأعضاء الآخرين في كل من الحوارات واتخاذ القرارات التنظيمية.

الدور الإيجابي للمؤسسة البوليفية من أجل الديمقراطية التعددية في عمليات الحوار بين الأحزاب

لقد كان دور (المؤسسة) في تجديد وتقوية الأحزاب الديمقراطية مؤلفا من شقين منذ البداية:

أولا، لقد عملت (المؤسسة) بكونها منبر للحوار، والتوافق في الآراء، وبناء الثقة بين الأحزاب السياسية.

ثانيا، لقد عملت (المؤسسة) كهيئة تنظيمية لأنشطة تحسين نوعية الديمقراطية في أوساط الأحزاب السياسية والنظام الحزبي بصفة عامة.

وعلى مر السنين، فقد أسفر هذا النهج عن إعطاء عدد من النتائج الإيجابية.

ـ في عام 2008، على سبيل المثال، ساعدت (المؤسسة) كلا من الحكومة والمعارضة في التوصل إلى اتفاق على نص الدستور البوليفي الجديد.

ـ في عام 2009، لعبت (المؤسسة) أيضا دورا هاما في تحقيق توافق في الآراء بين الأحزاب المتعددة لإصلاح القانون الانتخابي.

وقد كانت (المؤسسة) قادرة على المساهمة في تلك الإتفاقات، من خلال الجمع بين المعتدلين من كل من الحكومة والمعارضة، وتسهيل عملية بناء توافق في الآراء. كما عملت منظمات أخرى، بما فيها المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على استكمال ذلك العمل عن طريق دعم الأحزاب بتقديم الخبرة التقنية، وتحليل الدستور.

أثر الحزب المهيمن على عملية الحوار

قبل عام 2009، ومع عدم وجود أغلبية سياسية كبيرة على الساحة هناك، كانت كل من الأحزاب الحاكمة والمعارضة في حاجة إلى بعضها البعض. ومع ذلك، كانت حركة المناصرة للاشتراكية قد أصبحت أقوى قوة سياسية، ولها تأثير عميق على النظام السياسي في بوليفيا، وتأثير جانبي، على المؤسسة البوليفية من أجل الديمقراطية التعددية.

وفي هذا السياق من الاستقطاب المرتفع للغاية، فإن عملية الحوار بين الأحزاب التي عملت المؤسسة على تسهيل إجرائها لسنوات خلت، قد توقفت فجأة في عام 2010، وتوقف مجلس المؤسسة عن العمل كالمعتاد.

وقد كان السبب الرئيس لإطلاق الخلاف هو مطالبة الحركة بدور أكبر لها في صنع القرار في المؤسسة، بالإضافة إلى حصة أكبر من الموارد المتاحة لدى المؤسسة للأحزاب السياسية. وقد اختلف أعضاء المجلس الآخرون مع ذلك الطلب، متمنين الحفاظ على مبدأ المساواة الذي كان دوما يتحكم في عمليات المؤسسة.

وعلى الرغم من هذا الإختلاف، أدركت الأحزاب في (المؤسسة) أنه من أجل إنهاء الجمود، فإن من الضروري إدخال التغييرات اللازمة على الهياكل والقواعد التنظيمية لـ (المؤسسة). ومن ثم، فقد تم إنشاء لجنة لتسوية النزاعات، بأعضاء من الأحزاب والحركات الأربع الرئيسية (ويمثلها الأربعة الحاصلون على أكثر الأصوات في البرلمان)، وتم تكليفها بالبحث عن حل للأزمة الناشئة.

الدروس المستفادة

في حين أنه قد تم اعتبار تجديد (المؤسسة) مسألة أساسية، فإن ذلك لم يتأت بسهولة. وفي عام 2012، تم اتخاذ الاستعدادات لإعادة إطلاق (المؤسسة) من جديد.

وبينما كان من المتوقع والمأمول فيه، أن الحل سيتم التوصل إليه في نهاية المطاف، فإن أحد أهم الدروس المستفادة من التجربة البوليفية هو أن السلطات والصلاحيات المتساوية تجعل الحوار أكثر سهولة. ولكن، عندما يسيطر حزب واحد على المشهد السياسي، فإن الحوار يغدو أكثر صعوبة وأقل احتمالا أن يصبح فعالا.

والدرس الثاني المستفاد هو أن أي تغيير في تركيبة البرلمان بعد الانتخابات، قد تعمل بالفعل على زعزعة بنية الحوار الأولى، وأن مثل ذلك الاحتمال ينبغي توقعه ومناقشته عند إضفاء الطابع المؤسسي على الحوار.

تجربة الإكوادور: صناعة الانفتاح من خلال أنشطة متعددة

السياق

على الرغم من العودة إلى وجود حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا عام 1979، فإن الإكوادور لا تزال تتسم بالانقسام السياسي العالى وضعف المؤسسات. ومنذ فترة التسعينات، على وجه الخصوص، فإن مصداقية الأحزاب السياسية التقليدية قد تدنت وانخفضت، في حين أن تأثر الحركات الاجتماعية (غالبا ما كانت بين السكان الأصليين) قد ارتفع واتسع.

لقد كان رافائيل كوريا ومنظمته السياسية المسماة تحالف الأمجاد والأسياد بأرض الأجداد (التحالف) إلى السلطة في عام 2007، وقدم دستورا جديدا، ومشكلاً في إطار ثورة ما يسمى ثورة المواطنين في عام 2008. وبعد عام واحد، أعيد انتخاب كوريا رئيسا للبلاد.

وفي شهر مايو 2011، تم إجراء استفتاء وطني هناك، ما أدى إلى التأييد الشعبي لإصلاحات كوريا المقترحة في النظام القضائي والتشريعي ووسائل الأعلام. وقد اتهمت المعارضة كوريا بانتهاج سياسة الرجل القويواستخدام الإصلاحات لزيادة قوته ونفوذه. وقد ساهم هذا انعدام الثقة وزيادة الشكوك بين سلطات الحكومة والمعارضة.

وعد عملت المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات والمعهد الهولندي للديمقراطية متعددة الأحزاب على إيجاد ساحة الديمقراطية في عام 2006، كوسيلة لمواجهة مستوى انعدام الثقة في السياسة الأكوادورية.

وقد تم إنشاء ساحة الديمقراطية في إطار برنامج لإصلاح النظام السياسي وتقوية الأحزاب، وكانت تهدف إلى تقديم المساعدة التقنية إلى المنظمات السياسية ودعم التعاون بين الأحزاب. وقد كان الهدف من إنشاء ساحة الديمقراطية هو المساهمة في ترسيخ نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب المستدامة، بما في ذلك تعزيز الحوار الحزبي السياسي.

ومع ذلك، فإنه حتى بعد مرور سبع سنوات على إنشائها، فإن ساحة الديمقراطية لم تحقق إلا نجاحا جزئيا فقط من هذا الهدف الأخير، كما أن الأحزاب لم تعمل على إضفاء الطابع المؤسسي بصورة منهجية على الحوار فيما بينها، ولكنها بدلا من ذلك انخرطت في عدد من المبادرات متعددة الأحزاب.

تردد وإحجام الأحزاب عن الانخراط في حوار سياسي

ومنذ تأسيسها فقد شاركت ساحة الديمقراطية عن كثب في عملية الإصلاح الديمقراطي التي جرت بعد اعتماد دستور إكوادور الجديد في عام 2008. وقد شملت هذه المشاركة تضافر الجهود من أجل تحسين العلاقات بين الأحزاب، وتشجيع الأحزاب والحركات السياسية على العمل معا من أجل الإصلاح الدستوري، وتنظيم الإنتخابات.

وفي تجربة ساحة الديمقراطية، لم يكن من السهل جلب المنظمات السياسية الإكوادورية سويةً، كما أن العملية قد كانت أكثر صعوبة لتعزيز الحوار حول القضايا الخلافية المثيرة للاهتمام الوطني. ويبدو أن معظم الأحزاب تفتقر إلى الإرادة والثقة اللازمتين للوصول إلى خصومهم السياسيين، وحتى عند حصول مثل ذلك التواصل، فإنه يميل عادة لحدوثه فقط في الفترة التي تسبق الانتخابات، وذلك لأغراض بناء التحالفات العابرة لتلك الفترة الآنية.

ومن العوامل التي تفسر عزوف الأحزاب عن الانخراط في حوار، هو أن المعارضة لم يروا أية فائدة ترجى من ذلك، طالما كانوا يرون أن (التحالف) المذكور والرئيس كوريا يعملون على اتخاذ جميع القرارات في البلاد من تلقاء أنفسهم. وبالمثل، فإنه نظرا لموقعها المريح نسبيا في البرلمان، فإن (التحالف) لم تكن لديه حوافز تدفعه للتشاور مع المعارضة.

مبادرات أحزاب متعددة

في ضوء النظرة السلبية للأحزاب تجاه الحوار السياسي، فقد قرر منبر ساحة الديمقراطية اختيار نهج عملي تدريجي. وقد امتنع البرنامج عن إنشاء منابر حوار رسمية، ولكنه بدلا من ذلك قرر استخدام طرق أخرى لدعم التفاعل بين الأحزاب وتكميلها، حيثما أمكن، باستخدام الحوار.

ومن خلال اتباع هذا النهج المرن وتجنب التسمية بعبارة الحوار، فقد وجدت ساحة الديمقراطية نفسها اكثر قدرة على جلب الأحزاب معا. وقد واكب منبر ساحة الديمقراطية الأحزاب في عملية بناء الثقة والطمأنينة، وذلك من خلال عدد من المبادرات بين الأحزاب، مما مهد الطريق للحوار بين الأحزاب بصورة أكثر انتظاما وازديادا في المغزى.

أولا، في عام 2010، شهدت ساحة الحوار ممثلين من المنظمات السياسية الأكثر أهمية، وقد نظمت هذه المجموعة نفسها بصفتها هيئة تحرير مجلة سياسية جديدة تدعى (الساحة السياسية). وكان الهدف من تلك المجلة الفصلية هو نشر مجموعة متنوعة من وجهات النظر السياسية حول الوضع السياسي الجديد في الإكوادور. ويجتمع مجلس التحرير بصورة منتظمة لمناقشة الموضوعات ذات الصلة، واختيار المواد التي تركز على الاتجاهات والتطورات السياسية في الإكوادور. بينما كانت هيئة التحرير تميل لتجنب القضايا الخلافية، ويتم اختيار المواضيع على أساس توافق الأراء.

ثانيا، منذ عام 2009، عمل منبر ساحة الديمقراطية على دعم مجموعة رسمية من النسوة متعددة الحزبية. وقد عملت هذه المجموعة، جنبا إلى جنب، مع نساء عضوات في منظمات المجتمع المدني، لإستخدام الحوار في داخل كل حزب، وفيما بين الأحزاب المختلفة، لزيادة قدرات الدفاع عن حقوق المرأة ومدى نفوذها في المنظمات السياسية، ومختلف ألوان الطيف السياسي على نطاق أوسع.

وكان هدف النسوة متعددة الحزبية هو تطبيق أمثل الأساليب لتنفيذ أحكام الدستور الجديد، وقانون الديمقراطية بشأن الحقوق السياسية للمرأة، وتمثيلها السياسي على قدم المساواة مع الرجل.

ثالثا، تم تشكيل فريق برلماني متعدد الأحزاب بصورة مختلطة كجزء من السلطة التشريعية الجديدة في عام 2009. وتدعم المجموعة مراعاة الفوارق بين الجنسين في التشريعات وأجندة حقوق المرأة داخل المجلس التشريعي، بما في ذلك وضع الميزانية الوطنية بصورة مصممة رفقا لمنظور النوع الاجتماعي.

وتستخدم المجموعة عمليات الحوار للمضي قدما في معالجة القضايا الحساسة للنوع الاجتماعي في المقترحات التشريعية، بما في ذلك القوانين المتعلقة بالمساواة، والصحة، وقانون العقوبات. ومنذ تأسيسها، عملت المجموعة مع شبكة تواصل النساء السياسيات في الإكوادور ومع المجموعة المختلطة المتعددة الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، وحصلت على دعم من ساحة الديمقراطية، وصندوق الأمم المتحدة للمرأة، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

رابعا، في الفترة بين عامي 2008 ـ 2009، عملت منظمة ساحة الديمقراطية ونظام البث الإذاعي الموجه للمجتمع على تنظيم مناقشات عامة بين المنظمات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المحلية.

كما عمل البرنامج الإذاعي المسموع المقام من أجل تنظيم حوارات لنشر المعلومات المتعلقة بالجمعية الوطنية التأسيسية ومضامينها، مما سمح بتبادل غير رسمي للآراء بين مختلف الأحزاب السياسية. ويستمر البرنامج ليجري بثه على الصعيد الوطني بواسطة نظام البث الإذاعي الموجه للمجتمع لتوفير معلومات سياسية وتحليلات بشأن السياقات.

لماذا يبقى الحوار السياسي مهما؟

على الرغم من هذه المبادرات المتعددة، فإن بعض الخبراء ما زالوا قلقين ويرون أن تراجع الأحزاب السياسية سوف يستمر ويتواصل، ما لم تعمل الأحزاب على إعادة ابتكار ذاتها، وتنشيط دورها في المجتمع، على سبيل المثال، من خلال بذل جهود جادة لتطوير برامج أطول أجلا بشأن القضايا الحاسمة في سبيل تحقيق الرفاه العام للسكان.

وفي حين أن الحوار الحزبي السياسي المؤسسي لا يزال في مهده ومراحله الأولى في الإكوادور، فقد ساعدت مباردرات ساحة الديمقراطية في الإسهام في إيجاد بيئة تعمل فيها الجهات الوطنية الفاعلة لاستكشاف آليات الحوار بين الأحزاب السياسية بصورة متزايدة.

وفي عام 2012، على سبيل المثال، عملت هيئة إدارة الانتخابات في الإكوادور على إنشاء المجلس الاستشاري السياسي، كما دشنت معهد الديمقراطية المنصوص عليهما وفقا لأحكام الدستور، وكلاهما يهدفان إلى جلب الأحزاب السياسية للقاء والتحاور سويا.

ولعل أحد أبلغ الدروس المستفادة من الحالة في الإكوادر، هو أن الحوار الهادف يمكن أن يبدأ فقط، عندما يشعر كل من الأحزاب الحاكمة وأحزاب المعارضة أن لديهم مصلحة مشتركة في تعزيز النظام الذي يعملون من داخله.

____________

المصدر: حـوار الأحـزاب السياسية: دليل مُيسر الحوار

مقالات مشابهة