قامت لجنة عودة الأمانة للشعب” بعقد ندوة حوارية بتاريخ 8 أغسطس 2022م، حضرها العديد من قادة الأحزاب السياسية ونشطاء المجتمع المدني. كما شارك فيها بالحضور عدد من سفراء ودبلوماسيي الدول الشقيقة والصديقة، وشارك في جلستها الإفتتاحية الاستاذ عبد الله الرفادي رئيس حزب الجبهة الوطنية بالكلمة التالية:

***

الحمد لّله والصلاة والسلام على سيدنا محمد ومن ولاه

الأخوة الحضور

أولا أشكر السّادة لجنة إعادة الأمانة للشعبأن يسّروا لنا أن نلتقي معا، ونلتقي كذلك بالسادة السفراء وممثلي الدول الصديقة والشقيقة، وأرجو أن يكونوا في الاستماع لنا على الأقل في هذه المقدمة التي قدّمها زملائي وسيقدمها الأخوة الآخرون لاحقا بعون الله.

أنا إسمي عبدالله الرفادي ويعزّني ويشرّفني أن أُمثِّل مؤسسة سياسية انطلقت في العمل السياسي والنضالي في العام 1982 وفي شهر أكتوبر القادم ستنهي هذه المؤسسة 42 عاما من العمل السياسي والنضالي.

أرجو كذلك في لقائنا هذا أن يسمعنا أهل السلطة والقرار، وأنا أخشى أن تكون لقاءاتنا هذه كلها أكثر من أن نلتقي ونتشاكى ونتحدث ونأخذ المبادرات ولا يستمع إلينا احد، أنا أُمثل تنظيم قدّم 8 مبادرات منذ 2011 ولم يستمع إلينا أحد بما فيهم المؤسسات الدولية التي أُنشأت لمساعدة الشعب الليبي في تجاوز محنته وحل مشاكله.

قادة السلطة السياسية في ليبيا عودتنا منذ 2011 بأنهم لا يستمعون إلّا لأنفسهم أو محيطهم أو الدوائر الإقليمية والدولية التي يتحركون في دائرتها . وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه المرة مختلفة حيث هناك من يسمعنا في السلطة السياسية.

إخوتنا الكرام

الإشكالية الموجودة في ليبيا، أن هناك الكثير من الناس يصفونها بأنها اشكالية سياسية، وانا لا أظن ذلك، لأن السياسيين، سواء كانوا قيادات أحزاب سياسية، أو كانوا نشطاء سياسيين او أعضاء منظمات مجتمع مدني تتعاطى الشأن السياسي، هم في النهاية مسؤولين يتعاطون السياسة وبالرغم من الاختلافات التي قد تكون جوهرية بينهم، وجدلية في بعض الأحيان، إلا أنهم في نهاية المطاف أناس يتعاملون بالسياسة، والسياسة فيها تنازلات، وفيها أخذ وعطاء كذلك .

قد تكون السياسة هي فن الممكن، لكن قناعاتي كذلك هي فن غير الممكن، لأن الممكن لا فن فيه.

والسياسة يمكنها تحقيق غير الممكن، برغم هذه الصراعات التي قد تكون صراعات حادة بين الأطراف السياسية الكثيرة .

قد يرى المواطن العادي بأن الوصول إلى حل المشاكل غير ممكن، ولكن بالصبر والاناة والفهم العميق لطبيعة هذه المشاكل عند الساسة، يمكن أن تحوّل هذه القضايا إلى شيء ممكن، فأرجو أن تكون بداياتنا على الاقل أن يعي هولاء الناس الذين يتعاطون الشأن السياسي الظروف التي أمامهم، لانه برغم خلافاتنا ورغم وجهات النظر المتعددة، فإنه من الممكن أن نحقق شيء نراه غير ممكنا.

عندما نُعرّج على الانتخابات ايها الأخوة، وهذا هو الشيء الأساسي الذي نتحدث عنه الآن، وعندما تعطي لي الفرصة مرة أخرى سأتحدث بشيء من التفصيل عن مبادرة حزب الجبهة الوطنية.

نحن ايها الأخوة محكومون بالإعلان الدستوري وهو الوثيقة الأساسية التي يجب علينا نحن كليبيين أن نحتكم إليها في اختلافاتنا. هذه الوثيقة الدستورية هي وثيقة جيدة ويمكن أن تنقلنا إلى مرحلة دائمة، لكننا للاسف، وضعنا هذه الوثيقة على الرف، ومنذ تقريبا سنة 2013 و 2014 أصبحنا نتعاطى مع وثائق اخرى مكمّلة ونسينا بالكامل هذه الوثيقة الدستورية.

هذه الوثيقة تقول في مادتها الأولى، بأن ليبيا دولة ديمقراطية وكلنا يعرف ما هي الدولة الديمقراطية وما هي دلالات كلمة الديمقراطية (فأين هي الآن؟)

وتقول في مادتها الرابعة، بأن تعمل الدولة على إقامة نظام سياسي ديمقراطي (فأين هو الآن؟)

وتقول في مادتها الخامسة عشر، تكفل الدولة حرية تكوين الاحزاب السياسية والجمعيات وسائر منظمات العمل المدني، ويصدر قانون بتنظيمها، وقد صدر هذا القانون عام 2012 ، وهو قانون رقم 29 لسنة 2012 بشأن تنظيم عمل الاحزاب السياسية.

الذي نراه الآن، من أساتذة القانون ومن بعض المحللين السياسيين وحتى من بعض قادة الاحزاب السياسية، الذين يرددون في القنوات الإعلامية والندوات وفي كل المناسبات، بأن ليبيا لا يوجد بها قانون أحزاب، ولكن في ليبيا يوجد قانون أحزاب.

تعرفون جيدا أن إنتخابات المؤتمر الوطني العام، أقيمت على أساس التعددية السياسية والحزبية، ولم يكن في ذلك الوقت قانون للاحزاب. ولكن المجلس الوطني الانتقالي أقرّ ما سمي بـ ( الكيانات السياسية ) والاحزاب الرئيسية التي تتواجد الان بمسمياتها (حزب العدالة والبناء، حزب الجبهة الوطنية، حزب التغيير، حزب الوطن) شاركت في تلك الانتخابات بهذه التسميات.

قادة المجلس الوطني الانتقالي احترموا هذه النصوص التي خطّوها بأيديهم فيما يخصّ إشراك الاحزاب السياسية في العملية الانتخابية والعمل السياسي عموما، وللأسف بعد ذلك .. ساسة المؤتمر الوطني العام تبنوا مقترحات ( لجنة فبراير ) التي أرى أنها سبب انتكاسة العمل السياسي في ليبيا حتى هذه اللحظة، أما السادة في مجلس النواب فهم تناسوا هذه المواد الأساسية التي بنى عليها الإعلان الدستوري واصبحوا يعملون بخلافها.

أيها الأخوة

عندنا اشكاليتين أساسيتين غير الخلاف السياسي بيننا في الاحزاب السياسية. وانا اظن بأن الشيء الأساسي الذي يتكلمون عليه بما فيهم بعض الدول، هو كلام عن القوى الفاعلة، والقوى الفاعلة بالنسبة لي لغز، فلا أعرف ما هي هذه القوى الفاعلة، أظن بأن هؤلاء الناس يرون أن القوى الفاعلة عندهم هي التنظيمات والتشكيلات العسكرية بكل مسمياتها، فهناك من يسميها الجيش الوطني،وأخر يسميها الكتائب المسلحة وغيره يسميها ميليشيات، وهكذا. أنا اظن بأن هؤلاء الناس يعتقدون أن هذه هي القوى الفاعلة التي بيدها السلاح والتي تستطيع أن تؤثر في المشهد بالقوة .

عندنا صنفين من هؤلاء الناس

الصنف الأول: الذي يسمي نفسه جيش ومع احترامي الشديد لكثير من هؤلاء العناصر، فإن هذه القوة المتبقية من الجيش الليبي، منذ سنة 1969 والعقيدة التي بنيت عليها، وما يسمى بالجيش الوطني الآن هي عقيدة الانقلابات العسكرية وعقيدة التسلط وهذا ما نراه الآن. لم تبنى عقيدتهم على حماية الوطن، استمر الانقلاب لمدة 42 سنة وتصرفات هؤلاء القادة قائمة على التسلط على رقاب الشعب.

عندما يكون عسكري نظامي في الجيش الليبي قائم على بوابة ويسأل المواطن عن جواز سفره وعن بطاقته وعن رخصته، هذا ليس من مهام الجيش الوطني

الصنف الثاني، ومنذ 2011 نجد هؤلاء الشباب الذين نعتبرهم وقود الثورة ، منا من يسميهم كتائب مسلحة ومنا من يسميهم فصائل عسكرية ومنا من يسميهم ثوارا، لكنهم للأسف وقعوا في نفس المطب فبدل أن يدافعوا عن القيم التي ثاروا من أجلها، القيم التي ضحى إخوانهم وزملائهم وابنائهم من أجلها وفي سبيلها، وهي قيم حقيقية، قيم الديمقراطية، قيم الحرية ، قيم احترام الانسان وحقه الأساسي في الحياة وحماية ماله وحقه في ممارسة العمل السياسي وحريته في التنقل وحقه في الأمن والأمان

بقى نقطة واحدة

أظن أن الانتخابات تحتاج إلى ثلاث ركائز أساسية :

ـ الأمن والاستقرار

ـ الإرادة السياسية

ـ المشاركة الشعبية

أنا أظن، حتى هذه اللحظة، أن هذه الدعائم الأساسية غير متوفرة حاليا

_______________

المحرر: تم تفريغ ومراجعة وتحرير الكلمة من الفيديو المنشور في صفحة الفيسبوك الخاصة بالاستاذ عبد الله الرفادي، والتي تجدونها على هذا الرابط