سالم الكبتي

وبالصورة التي نرى عبرها تفاصيل تلك المرحلة التاريخية البعيدة فإننا نلاحظ في حقيقة الأمر أن إعلان الاستقلال في 24 ديسمبر 1951 أنهى وجود الكيانات السياسية والتجمعات السابقة التي حلمت بنيل الاستقلال وتحقيقه.. فها هو قد أعلن ذلك الصباح من شرفة قصر المنار وسمعه العالم كله والجموع المحتشدة التي يغص بها الميدان المواجه للقصر.

إن هذا الإنهاء لم يستمر طويلاً، فقد أتاح بديلاً مكانه. كان الإخوان المسلمون يعبئون قواهم منذ عامين مضيا، وواصلوا طريقهم الدعوي تحت ستار النصح والإرشاد والتوجيه. كان هذا التنظيم أو تلك الظاهرة الإسلامية الجديدة على المجتمع أول تلك التنظيمات التي سيشهدها الواقع الليبي انطلاقاً من بنغازي ثم سينتشر في درنة وطرابلس والزاوية وغيرها من مدن.

لقد كان تنظيماً سرياً بهدوء ودون عنف، وإن لم يكن يقصد ذلك مؤسسوه في البداية بطريقة أو بأخرى ونجح في خطابه المؤثر بين الناس، خاصة الشباب، وسيفتح الباب لظهور مزيد التأثيرات السياسية والتنظيمات المختلفة عنه. كان تنظيم الإخوان المسلمين هو بداية الطريق نحو المزيد.

وستحل أيضاً مكان الكيانات القديمة التي ولت مع إعلان الاستقلال ذلك الصباح، نخب ومجموعات جديدة من المتعلمين داخل الوطن وخريجي الجامعات في مصر (تحديداً) وبعض الجامعات في بيروت الذين تسربت إليهم الدعاوى الحزبية المنظمة في تلك الفترة، وسنعرض إلى ذلك كله في حينه.

ومثلما أسلفنا فإن أثر القبيلة رغم هذه التفاعلات ظل هو الأقوى. فالفراغ السياسي في البلاد ظلت تملؤه القبيلة في التنافس على المناصب السياسية وعضوية البرلمان والمجالس التشريعية وكل الأمور. كانت القبيلة تلعب دوراً حقيقياً في هذا الصراع أقوى من الحزب أو التنظيم الذي يتشكل رغم تجدد الثقافة والانفتاح على البلدان المجاورة من قبل الجيل الجديد الذي سيجد أغلبه تنظيمات وكوادر وأحزاباً وأفكاراً تختلف عن خطاب القبيلة.

وتتحدث عن العدل والحرية والمساواة، وتستخدم مصطلحات عن كيفية العمل والخلايا والتشكيلات والأنصار والليبرالية والجدل والحوار والتراتبيةوغير ذلك.

وقد ظلت مدينة بنغازي تمثل هوى خاصاً لدى الثلاثة.. الشربيني وسعده وعزالدين إبراهيم، الذي أشار إلى ذلك بصراحة لأن هذه المدينة وأهلها آوتهم وحمتهم عندما لجأوا إليها دون النظر إلى القبيلة أو المعرفة المسبقة بهم. والواقع أن فترة بقاء هؤلاء دامت أربعة عشر شهراً أو يزيد.

فيما أشار أيضاً إلى أن الكثير من رجال وشباب بنغازي كانوا رائعين في سبيل الإخلاص للدعوة والإصلاح، وفي مقدمتهم الحاج إبراهيم حماد (الذي كان يساعده صحبة زميله مصطفى علي الجهاني الذي توفي بالسجن وأبلغ عن وفاته في مايو 2002 والذي كان يوصف بين زملائه بالراديكالية!) وقد أكد الأستاذ عزالدين في لقاءات معه قديمة أن حماد (أسهم بالكثير من الجهود في البناء والإعداد وقد ظلم كثيراً في رأيه تلك الفترة حتى من رفاقه (الإسلاميين) الذين نسوا أن من حقه إبداء رأيه واتخاذ ما يراه صائبا ومناسباً).

إن رواية الأستاذ عزالدين هنا في مجملها تلمح إلى أن ثمة فجوات أو تجاذبات صارت في التنظيم وطرأت لعلها أثرت في مساره لاحقاً بحدوث الاختلافات بين الأعضاء.. بين الأعضاء ممن أسس وشارك وبين من التحق في مرحلة أخرى.

استحوذ التنظيم في بداياته في بنغازي على اهتمام الشباب من العمال والطلبة على وجه الخصوص، وضم الكثير منهم والتقوا عبر نشاطاته فترة استمرت ببقاء الثلاثة في بنغازي فيما بدأت الصلة والزيارات تبدأ من هؤلاء المنضمين إلى مناطق أخرى، خاصة طرابلس التي وجد بعض شبابها فرصة للتعاطف والانضمام والأمثلة كثيرة في الأسماء ثم تواصلت الصلات بانضمام المزيد في بنغازي وغيرها بعد مغادرة أولئك الثلاثة بنغازي عقب حدوث التغير في مصر في 23 يوليو 1952 ولشعورهم بأنهم لم يعودوا ملاحقين من قبل السلطات بانهيار النظام الملكي هناك.

كانت لحظة المغادرة صعبة وقاسية كما وصفها الأستاذ عزالدين إبراهيم. فقد احتشد سكان بنغازي في ميدان البلدية لتوديعهم وغص بهم الميدان حسب وصفه. كان الوقت ليلاً وكان الوداع مهيباً وكبيراً من كل الناس لهم دون استثناء. وقد أشار في روايته بأنه ظل «يبكي بحرقة على تلك اللحظات والأيام التي قضاها في بنغازي وأهلها ولم يتوقف عن البكاء إلا عندما دخلت السيارة التي تقلهم مدينة المرج وتصادف أن ارتفع صوت الأذان منادياً لصلاة الفجر، فشعر بالسكينة والاطمئنان وهو ما سيظل ماثلاً في ذاكرته ولا يمكن أن ينساه»!.

تغيرت الأمور في مصر واصطدم الإخوان المسلمون بالضباط الأحرار عقب حادث المنشية في أكتوبر 1954 بمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر.

انعكس ذلك على التنظيم في مصر رغم علاقاته التي بدت حسنة مع النظام ثم ساءت وتبدلت وانعكس بالتالي على واقع التنظيمات الإسلامية التي خرجت من عباءته في بقية المنطقة. وتفرق الكثير منهم في عديد الأرجاء في أوروبا وأميركا، إضافة إلى البلاد العربية، وقد لجأ تلك الأيام أحد كبار رجال التنظيم من السودان إلى بنغازي وظل فترة من الأشهر دون علم السلطة مختبئاً في أحد البيوت بالبركة في رعاية إخوانه من التنظيم في بنغازي بعيداً عن أعين الأجهزة التي لم تعلم بذلك مطلقاً إلى حين مغادرته.

أقام عزالدين إبراهيم في دمشق والتحق بالعمل بالمعهد العربي الإسلامي وتزوج من سيدة سورية، وهناك بلغه نبأ اغتيال إبراهيم الشلحي ناظر الخاصة الملكية، فأرسل في العاشر من أكتوبر 1954 بعد وقوع الاغتيال بخمسة أيام معزياً بالقول إلى مساعده في بنغازي: «بلغني مؤخراً خبر الحادث المؤلم الذي ذهب صحيته الرجل الجليل المرحوم إبراهيم بك الشلحي.

وتملكني الألم الشديد، فلقد كانت صلتنا بالفقيد الكريم وثيقة لدرجة كشفت لنا عن شخصيته الطيبة المنتجة وإخلاصه الزائد في خدمة الملك المعظم والبلاد الليبية العزيزة، ونحن لا ننسى مواقف الفقيد الكريم منا خلال سنوات الالتجاء، فلقد كان عطوفاً كريماً شهماً صلباً مما أثلج صدورنا وجعل ألسنتنا تلهج بالثناء عليه.

ولست أدري الآن هل السيد البوصيري ببنغازي أم بلندن حتى أعزيه، وكذلك الحال مع أخويه. رحم الله الفقيد الكريم».

وخلال سنوات الخمسينات زار السيد عزالدين ورفيقاه بنغازي أكثر من مرة، والتقى بعض الشباب من التنظيم في فندق «لوكس» ولاحظوا شكره ومدحه لسلوكيات عبدالناصر من ناحية العفة والنزاهة والذمة المالية وعدم إقباله على الملاذات والنساء، وكان في نفس الوقت معجباً بخطواته في تأميم قناة السويس وأعتبرها عملاً وطنياً كبيراً.

وفي فترة لاحقة أقام في الإمارات وعين بوزارة خارجيتها مستشاراً، ولرئيس الدولة أيضاً، وحضر كذلك إلى بنغازي في بعض المؤتمرات، كما وجهت له «جمعية الدعوة الإسلامية» دعوات شارك فيها بالمحاضرات والمساهمة في ندواتها بطرابلس، وقد توفي ودفن في أبوظبي العام 2010..

وفي القاهرة انطلق الشباب الجامعي من بنغازي الذين درسوا هناك في الاستمرار في رسالتهم وكانوا خلال العام 1953 والأشهر الأولى من العام 1954 يذهبون خصيصاً إلى سيد قطب الذي بهرتهم كتاباته في النقد والأدب في مقر إقامته في حلوان لزيارته ومناقشته، وقد أخبرهم ذات مرة كما يروي أحدهم بأن الضباط الأحرار وفي مقدمتهم عبدالناصر كانوا يأتون إليه قبل الثورة ويجلسون تحت تلك الجميزة، وأشار بيده إليها في حديقة المنزل وأطلعهم على صور تجمعه بهم في تلك الأيام.

كان قطب حديث العهد بالانضمام إلى دعوة الإخوان المسلمين، فقد عاد قريباً من الولايات المتحدة في دورة تتعلق بالتربية وأصول المناهج، فقد كان من رجال التعليم ويتبع وزارة المعارف المصرية واشتهر بنظمه للكثير من المحفوظات لصغار التلاميذ في مراحل الدراسة الأولى التي ذاع صيتها في مدارس المنطقة.. (صباح الخير مدرستي.. صباح الخير والنور) و(بلاد العرب أوطاني وكل العرب أخواني)…. وغيرها. ثم تغيرت حياته الفكرية رأساً على عقب وأثر ذلك التغيير في الكثير من الأجيال.

وظل أيضاً العديد من رموز التنظيم في بنغازي يزورون القاهرة والتقوا هناك في جانب آخر بعبد القادر عودة وسيد سابق ومحمد الغزالي وآخرين، ولاشك أن هذه اللقاءات كان لها دور في المزيد من التنظيم والإعداد.

والذي يلفت النظر لدى الباحث في هذا الشأن الذي نحن إزاءه، أن بوادر تنظيم (الإخوان المسلمين) الذي ظل يستمر بهدوء في بنغازي تلك الأيام بعد مغادرة المصريين الثلاثة أصحاب الفكرة والبذرة الأولى..

لم يزج بنفسه في أي صراع سياسي أو اجتماعي أو عنف، بل كان في الواقع بعيداً عن ذلك يعمل، ويستمر في صمت ويضم الكثيرين من الشباب داخل المدينة وخارجها الذين ظلت تأسرهم الطريقة التي يتبعها التنظيم في التكوين والإعداد وتشكيل الأسر وتسميتها بأسماء الصحابة وقادة الفتح الإسلامي المعروفين، وقد نجح في تحقيق صورة مثالية عنه بهذه التصرفات الواضحة.

لم يخل التنظيم بالأمن ولم يواجه السلطة مباشرة التي كانت تراقب وتلاحظ وتحاول أيضاً أن تنصح هؤلاء الشباب بالابتعاد عن هذا النشاط لأنه مراقب وتحت أعينها.

وقد حدث بعد اغتيال إبراهيم الشلحي ناظر الخاصة الملكية وإيداع قاتله، الشريف محيي الدين، السجن عقب الحادث مباشرة ثم الشروع في محاكمته في القضية التي عرضت أمام محكمة الجنايات في بنغازي تحت رقم 22 10- 54.

بدءاً من اليوم التاسع والعشرين من نوفمبر 1954 وحتى تنفيذ حكم الإعدام به في مقر السجن الرئيسي ببنغازي صباح اليوم السادس من فبراير 1955حدث أن سادت في المدينة ظروف أمنية خاصة وإعلان حالة الطوارئ وتشديد الرقابة والمتابعة لبعض الأشخاص ذوي الاشتباه في التعاون أو العلاقة بالشريف، ولوحظ تبعاً لهذه الظروف توزيع عديد المنشورات على نطاق واسع داخل المدينة.

وشملت العديد من أحيائها وشوارعها، فعلى سبيل المثال لاحقت السلطات تلك المنشورات واستطاعت أن تعثر عليها وكان مجموعها نحو (236) منشوراً منها (137) في سوق إحداش و(139) في شارع كويري والبركة نحو (50) منها، وقد اعتقل خمسة عشر شخصاً دون جدوى وقارنت السلطات الخطوط التي كتبت بها تلك المنشورات واستطاعت أن تشم رائحة جمعية عمر المختار المنحلة. ظلت الجمعية محل اتهام وشكوك على الدوام في أية حركة قد تحدث أو إخلال بالأمن يطرأ، ولم ينل تنظيم الإخوان أي تهمة ولم يتعرض أفراده للمساءلة أو التحقيق نتيجة لانتشار هذه المنشورات.

كانت السلطة في مأمن من جانبهم، وكانوا هم أيضاً في مأمن منها سوى بعض المتابعة من بعيد، وقد تردد أن هذه المنشورات طبعت في مدينة طرابلس وأحضرها نائب في مجلس النواب عن برقة من المعارضة.

وفي الفترة ذاتها بين حادث الاغتيال إلى إعدام الشريف محيِ الدين وصلت خطابات تهديد بالجملة إلى رئيس مجلس الوزراء وقائد عام قوة دفاع برقة وعدد من أفراد العائلة السنوسية المحسوبين على أسرة الشلحي، وفهم من هذه الخطابات المتوالية أن الشريف محي الدين قام بهذا العمل وهو اغتيال ناظر الخاصة الملكية، وليس وراءه أي تنظيم أو تجمع سياسي محلي أو خارجي، ولكنه قام به بصفته رئيساً (لمحكمة الشعب) أو (رئيساً للأحرار)!..

فمن كان وراء هذه القصة وتداعياتها في الأساس، التي خلقت شرخاً كبيراً في العائلة السنوسية بين الملك وأبناء عمومته، وكذا على مستوى البلاد ربما ظل.. أعني هذا الشرخ، من التأثيرات والأزمات التي لحقت بالدولة عموماً في فترات قادمة.

كما أرسلت خطابات تهديد أخرى إلى رئيس مجلس الوزراء ورئيسي مجلسي الشيوخ والنواب ومجموعة من أعضاء المجلسين تتعلق بتوقيع الاتفاقية الليبية الأميركية تلك الأيام.

فهل كان وراء ذلك كله تنظيم مجهول لم يخرج إلى العلن أو أشخاص وأفراد لا ينتمون إلى تنظيم بعينه أو كانوا ينوون تأسيس تنظيم على المدى القريب.

إن حركة المنشورات السياسية التي ظلت تتزامن لاحقاً في كل حدث سياسي في ليبيا تشير إلى أن هناك مجموعات تتحرك وتنتظم دون أن تفصح عن نفسها، وقد يكون وراء ذلك أفراد بعيدون عن شكل التنظيم المعروف ولا يتجاوزون أصبع اليد الواحدة. كل ذلك يظل مرهوناً بالدراسات الجادة والبحوث والكشف عن المسكوت عنه في تفاصيل تاريخ ليبيا المعاصر بداية من حصره وتجميعه وتوثيقه بالروايات الصادقة وملاحظات شهود العيان والوثائق المهمة.

إنها فترة حساسة ما زالت مركونة في الأدراج المظلمة أو حبيسة الصدور، وينبغي أن تعرفها ليبيا وأجيالها. وهكذا في بنغازي وحدها ظلت جمعية عمر المختار، كما أشرت، هي الضحية لما يحدث على أرض الواقع رغم حلها نهائياً العام 1951 ومصادرة محتوياتها..

ظلت كذلك لأن مجموعة من أعضائها أو المتعاطفين معها استمروا في نشاطهم بطرق أخرى عبر الأعمال الاجتماعية والخيرية وحراك الأندية الرياضية وعضوية البرلمان، بل إن بعضهم حاول تأسيس تنظيم مغاير في مرحلة لاحقة (حزب الشعب العربي) مثالاً، وسنعرض له في حينه من خلال بروزه في أحداث يناير 1964 ويونيو 1967 وغيرهما، وقد ضم أفراداً من الوجوه القديمة في الجمعية، وتنظيم الإخوان والناصريين والمحسوبين على حزب البعث والنشاط النقابي!

والواقع تاريخياً كما هو معروف أن عبارة (الإخوان) كانت متداولة في مراحل زمانية سابقة وارتبطت ببعض الحركات الدينية والطرق الصوفية التي دعت لإحياء الإسلام وصحوته ومحاربة البدع والخرافات التي لحقت به، كما تشير في أدبياتها وتعاليمها، ورأينا أن هذه العبارة كانت ترافق حركة محمد بن عبدالوهاب النجدي في الجزيرة العربية، وحركة المهدي في السودان، ثم عبر الطريقة السنوسية في ليبيا.

غير أن هذا اللفظ الذي التصق بحركة الإخوان المسلمين يختلف عن نشاط إخوان هذه الحركات والطرق. ربما التسمية تأثرت بها لكنها تختلف عنها، فلم يكن في هذه الطرق تنظيم سري على سبيل المثال الذي ظل سمة في سنوات عديدة ملازماً لحركة الإخوان المسلمين.

في أعوام الخمسينيات بدأت البعثات التعليمية العربية تصل إلينا من مصر والأردن وفلسطين وغيرها. كانت هذه البعثات تخصص للتدريس في بنغازي بمعهد المعلمين ومدرسة التجارة والصناعة والمدرسة الثانوية وبعضها في الجامعة الليبية.

وكان أغلب أفراد هذه البعثات إضافة إلى سواهم ممن احتوتهم الكوادر الوظيفية في الدولة بالبنوك وشركات التأمين والمصالح المشتركة (النقطة الرابعة)..كانوا من أعضاء الأحزاب المعروفة في أقطارهم سواء في الإخوان المسلمين أو التحرير الإسلامي أو البعث العربي أو حركة القوميين العرب، وقد نشطوا كثيراً عقب استقرارهم في البلاد، وعزز وجودهم تواصل النشاط الإسلامي في بنغازي ودرنة، وكذا تأسيس تنظيمات تتعلق بالنشاط القومي الطاغي على المنطقة بعد نكبة فلسطين وحركة 23 يوليو في مصر.

وسنرى أن قيادات مهمة في بلادها (فلسطين مثالاً) صارت معروفة ومشهورة كانت لدينا في ليبيا (سعدون حمادي ومحمد أبوميزر وفاروق القدومي ويسار عسكري وغيرهم البعث.. وسليم الزعنون.. الإخوان)، فيما اتهم جورج حبش ووديع حداد وهاني الهندي ومحمد كشلي بأنهم وراء نشر حركة القوميين العرب.

إن وجود هؤلاء جميعاً سواء بالتواجد في ليبيا أو حضورهم إليها بين حين وآخر حتى وإن لم تكن مشاركة بعضهم في هذا التأسيس لهذه التنظيمات كان عاملاً فعالاً لظهورها في ليبيا، إضافة إلى عودة الطلاب الليبيين من الجامعات العربية بعد تخرجهم والذين تشربت أفكارهم بحركة الأحزاب العربية بمختلف أنواعها.

كانت الأرض خصبة للبذار وتحتاج إلى من يفلحها، وكان الفراغ وكانت الفرصة مواتية للنجاح في واقع الأمر، وهنا بعد انتشار هذه التنظيمات حاول تنظيم الإخوان التغلغل في الجامعة وكلياتها وفي العمل النقابي واتحاداته وأنشطته واستطاع أن يضم بعض النساء اللواتي عرفن (بالأخوات) وكذا تعاطف معه بعض من ضباط الجيش.

ثم توقف التنظيم موقتاً لظروف رأها مناسبة العام 1957 وصار الباب هنا مفتوحاً أمام التنظيمات والتكوينات القومية على الأرض الليبية.

يتبع في الجزء التالي

____________

المصدرصفحات التواصل الاجتماعي نقلا عن بوابة الوسط

مقالات مشابهة