العصبية هي فكرة مركزية في القبيلة بامتياز، وهي ناجمة عن الالتحام بين الأفراد عبر النسب والقرابة، وتتجسد في المناصرة والمغالبة والتضامن مع مكونات القبيلة.

العصبية تربط أفراد القبيلة ربطا مستمرا يبرز ويشتد عندما يكون هناك خطر يهدد أفراد القبيلة، وبالتالي المصلحة المشتركة هي الأساس الفعلي للعصبية.

التعصب هو عامل فرقة وليس عامل وحدة، لأنه يخلق أجسادا اجتماعية لها ولاءاتها الخاصة، وبالتالي تتنافر وتتصارع، وهذامنحى سلبي، يقسّم مكونات المجتمع إلى أجزاء متعارضة ومتصارعة، ويكون الولاء القبلي هو الطاقة التي تغذي الصراعات بين مكونات المجتمع القبلي.

الولاء هو جوهر مركزي وداخلي في المكون القبلي، ومن دونه لا تكون القبيلة قبيلة، ولا يقوم بنيانها. والولاء هو الآلية الداخلية التي تجعل القبيلة لحمة واحدة، وكتلة اجتماعية قوية ومؤثرة.

الولاء القبلي يقوم على حاجات الأفراد الأساسية، فالولاء للقبيلة يغذي نفسه بنفسه من داخل القبيلة، وحيث أن القبيلة تتمركز على مفهوم الغنيمة، وما يتحصل عليه الفرد من منفعة هو عائد ومكافأة للولاء للقبيلة، وبالتالي فالغنيمة هي التي تحكم مفهوم القبلية.

القبيلة ككتلة اجتماعية مؤثرة لا تكون دائما سلبية، وقد يكون لها مواقف ايجابية توثر في المشهد السياسي والاجتماعي. ولكن القبيلة لا يمكن أن تحل محل الحزب السياسي أو مؤسسة مجتمع مدني في العمل السياسي، لأن انتماء الفرد إلى القبيلة هو انتماء جبري ولا يُبنى على حرية الفرد أو اختياره. وبالتالي عندما تنخرط القبيلة كقبيلةفي العملية السياسية تصبح غير نافعة.

من مشاكل القبيلة أنها تحمل في مكونها السلبيات التالية:

ـ القبيلة لا يمكن للفرد فيها ممارسة حرية التعبير عن رأية، بل هي تصادر صوت الفرد من طريق الولاء للقبيلة المتمثلة في مشيخة القبيلة، رغم أنها تدعي المساواة بين أتباعها.

ـ القبيلة لا تعتمد الكفاءة والمهارة في إدارة شؤونها، بل تعتمد الوراثة في زعامتها، وبالتالي يديرها أشخاص ليسوا أكفاء .

ـ القبيلة فيها خلل بنيوي في تكوينها، وهذا الخلل يجعلها قابلة للخضوع للضغوط والمساومات، وعرضة لتوظيفها من قبل قوى سياسية محلية أو خارجية لاتخاذ مواقف لصالح رأي سياسي ما.

ـ فأي تيار سياسي يمكنه بسهولة من خلال رشوة شيخ القبيلة وبعض المقربين منه لكسب القبيلة كلها لصالحه، وذلك لعدة أسباب، منها:

القابلية للإستخدام:

هذه القابلية تتماهي مع رغبة التيارات السياسية المتصارعة في استخدام القبيلة وتسخيرها لخدمة اهداف معينة.

غياب الوعي السياسي:

هذا الغياب في الوعي لدى شيوخ القبائل لا يمكّنهم من إدراك أهمية الانتقال إلى مجتمع حديث يكفل المساواة وحفظ الحقوق والتخلي عن سيطرة ثقافة المحاصصة والعصبية القبلية.

الإصرار على الولاء الأعمى:

القبيلة تفترض استمرار الافراد في الخضوع لمشيختها كتعبير للولاء للقبيلة، إذ لا تعترف القبيلة بالمعارضة في داخلها، ولا تقبل النقد والمراجعة والرأي الآخر، ومن يعارضها لا يعتد برأيه وربما ينبذ اجتماعيا.

الحرص على الوجاهة والمكاسب:

زعماء القبيلة حريصون على وجاهتهم ومكاسبهم الشخصية مما سبب في تفتيت التركيبة القبلية مع مرور الوقت، خاصة مع تطور التعليم والتعرف على مزايا التمدن والديمقراطية في المجتمعات المتحضرة وزيادة الوعي السياسي للافراد.

رفض التحديث والتغيير:

زعامة القبيلة ترفض التغيير وتصرّ على الجمود وتتمترس وراء المحافظة على الشكل التقليدي للقبيلة، و بذلك لكي تضمن إعادة إنتاج المكاسب نفسها لزعماء القبيلة.

الطمع والخوف من المجهول:

الإصرار على العصبية القبلية والولاء للقبيلة في الغالب يكون غطاء للخوف من فقد النفوذ والسطوة والطمع في الحماية الشخصية خاصة في الأزمات.

___________

المصدر: مقتطفات من دراسات حول القبيلة والديمقراطية” المنشورة على موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

مقالات مشابهة