من أهم الظواهر التي يشتكي منها الكثير من نشطاء الأحزاب السياسية في ليبيا هي ظاهرة العزوف لدى الشباب عن العمل السياسي المنظم سواء في إطار الأحزاب أو مؤسسات المجتمع المدني، وهي ظاهرة لها ما يبررها وتحتاج إلى المزيد من الدراسة والتحليل، وقد تكون ناتجا عن عدة عوامل أساسية، ومنها:
الانقسامات السياسية
يسود المشهد السياسي انقسامات سياسية وعسكرية عميقة، وهذا قد يثير الشكوك بين الشباب حول فعالية المشاركة السياسية وقدرتهم على تحقيق التغيير من خلال العمل السياسي المنظم.
انعدام الثقة في المؤسسات السياسية القائمة
مما لا شك فيه أن الشباب في ليبيا يثق بشكل أقل في المؤسسات السياسية الرسمية بسبب ما يرونه من صراع وتنافس بين الأطراف السياسية والعسكرية المسيطرة على المشهد لسنوات عيديدة والتي تعكس سلوكيات العناد وعدم الشفافية السائدة، مما يقلل من استعداد الشباب للانخراط في العمل السياسي المنظم.
تعثر التجارب السياسية السابقة
بعد ثورة 17 فبراير التي أطاحت بنظام القذافي في عام 2011، تعرضت ليبيا لفترة من الاضطراب والصراعات الداخلية التي أثرت سلبًا على سمعة العمل السياسي ، وتعثر التجارب التي أقدمت عليها النخب السياسية في تكوين الأحزاب وإدارتها وإدارة التنافس بينها، وبالتالي انعكس ذلك على على ضعف ثقة الشباب في التجربة الحزبية وفي النظام السياسي الرسمي بالكامل.
التحديات الأمنية والاستقرارية
تشهد ليبيا تحديات أمنية واستقرارية مستمرة، وهذا يمكن أن يثير قلق الشباب بشأن مستقبل البلاد ويجعلهم يتجنبون المشاركة السياسية المنظمة.
البطالة وقلة الفرص الاقتصادية
يعاني الشباب في ليبيا من مشاكل اقتصادية خطيرة، مما يجعل البعض منهم يفضل التركيز على البحث عن فرص عمل وسبل العيش بدلاً من المشاركة في العمل السياسي.
نقص التمثيل الشبابي
قد يشعر الشباب في ليبيا بأنهم لا يحظون بالتمثيل الكافي في القرارات السياسية، مما يقلل من رغبتهم في المشاركة السياسية.
من المهم التفكير في تلك العوامل عند تحليل غياب الشباب عن العمل السياسي في ليبيا وتطوير استراتيجيات لزيادة مشاركتهم وتمثيلهم في العمل السياسي.
ولكن السؤال الأهم هو هل يمكن أن ينجخ المجتمع المدني في مجتمع قبلي
نعم، يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورًا مهمًا في المجتمعات القبلية، على الرغم من التحديات التي قد تواجهها في هذا السياق. إليك بعض الأمثلة على كيفية تأثير المجتمع المدني في المجتمعات القبلية:
تعزيز الوعي والتثقيف
يمكن للمجتمع المدني تقديم البرامج التثقيفية والتوعوية لأفراد المجتمع القبلي حول حقوق الإنسان، والمشاركة السياسية، والقيم الديمقراطية، مما يساهم في تغيير الوعي وتعزيز المشاركة المدنية.
تنظيم الحملات والفعاليات
يمكن للمجتمع المدني تنظيم الحملات والفعاليات لتسليط الضوء على قضايا محلية مهمة والضغط من أجل التغيير في المجتمع القبلي، مثل تعزيز حقوق المرأة أو مكافحة الفساد.
تقديم الخدمات الاجتماعية
يمكن للمجتمع المدني تقديم الخدمات الاجتماعية المختلفة، مثل الرعاية الصحية أو التعليم، للأفراد في المجتمع القبلي، مما يعزز الاستقرار والتنمية المستدامة.
التواصل وبناء الجسور
يمكن للمجتمع المدني أن يعمل على بناء الجسور بين المجتمع القبلي والمجتمع المدني الواسع، مما يساهم في تعزيز التفاهم والتعاون بين الثقافات المختلفة.
المراقبة والرقابة
يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورًا في مراقبة أداء السلطات المحلية والمؤسسات القبلية، والمطالبة بالمساءلة والشفافية، مما يحد من الفساد ويعزز الحكم الرشيد.
على الرغم من هذه الإمكانيات، يجب مراعاة التحديات الثقافية والاجتماعية التي قد تواجه المجتمع المدني في التفاعل مع المجتمعات القبلية، وضرورة بناء الثقة والتفاهم المتبادل بين الأطراف المختلفة.
_____________