البوديري شريحة
يتضح حاليا أن القانون سمح للمرة الأولى في تاريخ ليبيا بمبدأ ازدواج الجنسية أى الحصول على جنسية أخري إلي جانب الجنسية الليبية، وذلك في حالة واحدة وهي حصول الشخص على موافقة وزارة الداخلية، بالرغم من التأخير الزمني – عمليا– الذى يصاحب إتمام الإجراءات من وزارة الداخلية بعيد تقديم كافة المستندات المطلوبة إلى مصلحة الجوازات والجنسية الليبية.
لذا ينبغي على وزارة الداخلية وضع آلية أكثر سرعة وتنظيما لمسألة تنظيم ازدواج الجنسية وتثقيف المعنيين بهذا الشأن، حيث يوجد نموذج لدي مصلحة الجوازات والجنسية يرفق مع طلب مستندات دالة، أهمها إثبات وجود جنسية أجنبية صادرة من الدولة التي تحمل المعنية أو المعنى جنسيتها، وكذا عدة أوراق ثبوتية ليبية. حيث تتولى مصلحة الجوازات والجنسية مخاطبة عدة جهات إدارية وأمنية في الدولة الليبية للرد بعد وجود تحفظ، ليحال ملف المعنية أو المعنى لوزارة الداخلية لإصدار الموافقة.
تنظم المواد الوارد في قانون العقوبات الليبي وتحديدا (345- 347) مسائل الإدلاء ببيانات كاذبة في الوثائق العمومية، و إستخدام مستندات رسمية للدولة والتي يدخل في حكمها حيازة واستخدام جواز سفر ليبي والرقم الوطني وما في حكمهما – صدرت بالمخالفة للقانون الليبي– من أشخاص أسقطوا الجنسية الليبية باختيارهم دونما إتمام إجراءاتهم أمام وزارة الداخلية في الحصول على الموافقة.
ويجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية ضدهم، ولمصلحة الجوازات والجنسية مكنة إتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم. وإذا كان المعني موظفا عموميا طبقت في شأنه الأحكام الخاصة بالموظفين العموميين من حيث التشديد في العقوبة، متى كان لذلك مقتضى.
ولعل الجدير بالذكر في هذا السياق لمن يحتج بعدم المعرفة والعلم، أن المادة الثالثة من قانون العقوبات تنص صراحة”لا يحتج بالجهل بالقانون الجنائي تبريرا للفعل”.
لا يجوز لمن لم يلتزم بنص المادة الخامسة من قانون الجنسية الليبي رقم 24 لسنة 2010 م بأخذ موافقة وزارة الداخلية أن يتمتع بحق ملكية العقارات في ليبيا و لا يجوز قانونا أن تستمر ملكيته لها لكونه أجنبيا في نظر القانون الليبي. وبالتالي لا يجوز له إجراء تصرفات الملكية والرهن والانتفاع وغيرها عليها، مع مراعاة الاتفاقيات الدولية المصدق عليها من الدولة الليبية – أن وجدت– مثل مع تونس أو مالطا بشروط إجرائية مقننة. أو أسس أى مشروع استثماري تحت قانون الاستثمار رقم 9 لسنة 2010 م بما لا يتجاوز مدة الانتفاع المنصوص عليها في القانون.
لهذا يجوز لصاحب المصلحة تحريك الدعوى أمام المحاكم بشأنهم. وكذا يجوز لمصلحة التسجيل العقاري إتخاذ القرارات الإدارية في حظر التصرف في مثل هذه العقارات التي يمتلكها من كانوا ليبيين إلا إذا تحقق الإستثناء الوارد في المادة الخامسة المشار إليها.
طالما أن الحاصل على جنسية أخرى غير ليبية لم يحصل على موافقة وزارة الداخلية في السماح بازدواج الجنسية فإنه يعد أمام القانون الليبي شخص أجنبي وبالتالي تطبق عليه أحكام معاملة الأجانب في شأن ممارسته الأنشطة التجارية في ليبيا، وهي إجابةَ للسؤال التالي:-
السؤال القانوني: هل يجوز للأجانب مزاولة النشاط الاقتصادي في ليبيا؟ للإجابة عن هذا الإستفسار القانوني ينبغي النظر إليه من الجوانب الثلاثة أدناه.
أولاً: ما المقصود بالأجنبي ؟
ثانياً: ما هي الأعمال الاقتصادية المسموح للأجانب مزاولتها في ليبيا والموانع؟
ثالثاً: ما هي الآثار القانونية على الأجنبي لممارسة النشاط الاقتصادي في ليبيا بدون ترخيص؟
وذلك على النحو الآتي:-
أولاً: ما المقصود بالأجنبي ؟
ويقصد بالاجنبي – أي غير الوطني – كل شخص معنوي أو أعتباري لا يتمتع بالجنسية الليبية وفق أحكام قانون الجنسية الليبية رقم (24) لسنة 2010 م ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 594 لذات العام، والقانون رقم 6 لسنة 1987 بشأن تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا وخروجهم منها. مالم تكن ليبيا طرفا في إتفاقية دولية – ثنائية أو جماعية – مصدقة عليها.
ثانياً: ما هي الأعمال الاقتصادية المسموح للأجانب مزاولتها في ليبيا ؟
النشاط الإقتصادى نوعان:
ـ إما تحت مظلة القانون النشاط التجاري رقم 23 لسنة 2010″الرخصة التجارية”سواء فرعا لشركة اجنبية أو شركة مشتركة مساهمة،
ـ أو تحت مظلة القانون رقم 9 لسنة 2010 بشأن تشجيع الاستثمار”الرخصة الإستثمارية”.
تحت مظلة القانون رقم 23 لسنة 2010 نظمت المادة (375) مزاولة الأجانب للأعمال التجارية في ليبيا من خلال الأشكال التجارية المنظمة في القانون، على أن يتولى الوزير المختص أي وزير الاقتصاد والتجارة تحديد مجالات ونسب مساهمة الأجانب في الأنشطة التجارية، والتي نظمت بقرار وزير الاقتصاد رقم 207 لسنة 2012 بشأن مساهمة الأجانب في الشركات وفروع ومكاتب تمثيل الشركات الأجنبية بليبيا، المعدل بالقرار رقم 22 لسنة 2013م بحيث يحظر على الأجانب مزاولة الأنشطة الاقتصادية في المجالات المحددة بموجب هذا القرار.
ونظمت المادتان 1355 و 1356 من القانون التجاري أحكام ترخيص مزاولة النشاط التجاري ومخالفة شروط الترخيص للأجانب في ليبيا.
وهذا ما تضمنته المادة (11) من قرار وزير الاقتصاد رقم 207 لسنة 2012 م. وقراره رقم 508 لسنة 2022 م بشأن تقرير أحكام بالنشاط التجاري في المادة الأولي منه. وهذا يتفق و ما ذهب إليه القانون رقم 12 لسنة 2010.
والجدير بالذكر في هذا السياق – طالما لم يتقدم المعني لإتمام إجراءات الحصول على ازدواج الجنسية لدى وزارة الداخلية الليبية – فإن منصب رئيس مجلس الإدارة في الشركات المساهمة والتي تشمل المصارف وشركات التأمين والشركات المشتركة يجب أن تكون فقط لم يحمل الجنسية الليبية وفق نص المادة (1) من قرار وزير الاقتصاد رقم 207 لسنة 2012 م بشأن مساهمة الأجانب في الشركات وفروع ومكاتب تمثيل الشركات الأجنبية في ليبيا.
هذا يعني قانونا بطلان تسمية وتعيين رؤساء مجالس الإدارات في الشركات والمصارف لمن لم يأخذ موافقة وزارة الداخلية، وأن جميع قراراتهم وتصرفاتهم تخضع البطلان وعدم الشرعية ويجوز مقاضاته. تحت مظلة القانون رقم 9 لسنة 2010 بشأن الإستثمار حيث سمح القانون للأجانب سواء أفراد أو شركات مزاولة الأنشطة الاقتصادية و بملكية تصل إلى 100 % للمشروع والشركة الاستثمارية في جميع المجالات الإنتاجية والخدمية عدا مشروعات النفط والغاز.
…
يتبع
***
البوديري شريحة ـ خبير قانوني ومدير شركة الإتقان للمحاماة، ومدير الإدارة القانونية في المؤسسة منذ 2007. قدم البوديري الخدمات القانونية المهنية للعملاء من الشركات متعددة الجنسيات والمستشارين القانونيين للحكومات في مجموعة واسعة من المسائل التي تضمنت تنازع الاختصاص القضائي بين عدد من القوانين الدولية والقانون الليبي.
_______________