تتشكل المواقف السياسية في ليبيا وفق توجهات أصحابها إزاء الأزمة وطريقة تعاملهم مع الأوضاع السياسية والأمنية، وتعكس تلك المواقف علاقاتها مع أطراف الصراع والحلول السياسية المطروحة، وبالتالي تشير إلى ارتباطات أصحابها الداخلية والخارجية.

وفيما يلي تصنيف (سطحي) لأنواع المواقف والمبادرات السياسية في ليبيا وفق علاقتها بالأزمة السياسية:

ـ مواقف مؤيدة للسلط القائمة

هذه مواقف تدعم الحكومات والمؤسسات المتنفذة والمتصارعة في ليبيا، سواء الحكومات المؤقتة المعترف بها دوليًا (مثل حكومة الوفاق الوطني سابقًا، وحكومة الوحدة الوطنية لاحقًا) أو المجالس التشريعية كالبرلمان في شرق ليبيا ومجلس الدولة في غربها. وعادة ما تروج هذه المواقف لحل الأزمة من خلال شرعية الأمر الواقع .

ـ مواقف معارضة للسلط القائمة

هذه المواقف تعارض السلطات القائمة سواء في شرق أو غرب ليبيا، وتتبنى مواقف انتقادية تجاه أداء الحكومات المتصارعة. وتعتبر أن الحل في ليبيا يتطلب إحداث تغيير جذري في النظام السياسي القائم عبر شرعية الانتخابات وتدعو إلى تشكيل مجالس نيابية وحكومة انتقالية جديدة. وبالتالي ترفض الاعتراف بسلطات الأمر الواقع وتطالب بحل شامل للأزمة. وتنادي بإنهاء الاحتراب المسلح وإعادة بناء الدولة الليبية .

ـ مواقف داعمة للحلول العسكرية

هذه المواقف تدعم فصائل عسكرية متصارعة أو شخصيات عسكرية، مثل خليفة حفتر، وترى أن الحل في ليبيا يجب أن يكون من خلال الحسم العسكري. وتعتبر أن الحلول السياسية التفاوضية لن تؤدي إلى استقرار ليبيا، بل تطالب بسيطرة العسكر على البلاد كوسيلة وحيدة لاستعادة الأمن. ولا تهتم باحتمال سيطرة القوات المسلحة بقوة السلاح على البلاد وإعادة النظام الدكتاتوري.

ـ مواقف داعية للحوار الوطني والمصالحة

هذه مواقف نخبوية تدعو إلى إنهاء الصراع من خلال الحوار الوطني والمصالحة بين الأطراف المتصارعة، وترفض أي تدخلات أجنبية. وتعتبر أن الحل يجب أن يأتي من خلال التفاوض بين جميع الأطراف الليبية، بما في ذلك الجماعات المسلحة والحكومات المتصارعة وأنصار النظام السابق.

ـ مواقف تعبر عن نخبة مؤدلجة

هذه المواقف تعتمد على الأيديولوجيا سواء كانت إسلامية أو غيرها في مواقفها تجاه الأزمة، ولها توجهات متباينة في كيفية حل القضايا السياسية والاجتماعيةوتتنوع هذه المواقف من حيث تأييدها للسلطة القائمة أو معارضتها، ولكنها عادةً ما تدعو إلى حل الأزمة وفق الشعارات المؤدلجة التي ترفعها.

ـ مواقف سطحية شعبوية 

تركز هذه المواقف على المشاعر الشعبية تجاه الأزمة، وتطرح نفسها كصوت للشعب في مواجهة النخب السياسية. بل أنها تستغل الاستياء الشعبي من الوضع السياسي والاقتصادي وتسعى لكسب تأييد الناس من خلال تقديم برامج تعكس اهتمامات الشارع، لكنها غالبًا لا تطرح برامج واضحة ولا تقدم حلولاً عملية.

ـ مواقف سلطوية بأجندات خارجية

هذه المواقف تعتمد بشكل كبير على دعم خارجي، سواء من دول إقليمية أو دولية، ولها أجندات مرتبطة بتلك الدول، وتدافع عن مصالح الجهات التي تدعمها، وغالبًا ما تتعارض كل المواقف الوطنية، وترى أن الحل ينبغي أن يتوافق مع مواقف دول إقليمية أو دولية.

الخلاصة:

تتنوع المواقف السياسية الليبية في تعاملها مع الأزمة السياسية في البلاد، بناءً على رؤيتها للحلول السياسية، ودعمها للسلطات القائمة أو المعارضة، وعلاقتها بالقوى الخارجية أو الداخلية. ويعكس هذا التنوع تعقيد الأزمة الليبية، حيث تتشابك المصالح الداخلية مع التدخلات الإقليمية والدولية، مما يصعب الوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام.

_________________

المحرر

مقالات مشابهة