وظائف الدولة المدنية
بصورة عامة تتجسد وظائف الدولة المدنية وتتلخص في مايلي:
أولا: توفير فرص العمل والعيش الكريم لمواطنيها
إ ن الشرط الأساسي لحصولهم على الدخل المالي العادل هو اشتراكهم في عملية إنتاج السلع والخدمات، وتجنب تحولهم إلى عاطلين يشكلون عبئا على الميزانية العامة أو مثالا للبطالة المقنعة، أو مصدر هدر لجزء من المال العام، فيلحقون الضرر بمنافع بقية المواطنين باعتبار أن هذا الضرر الجسيم هو صورة للفساد المالي والإداري الذي تعاني منه العديد من دول العالم الثالث.
ففي هذه الدول التي ترتفع نسبة البطالة المقنعة فيها لتصل إلى مستويات خطيرة جدا، إضافة إلى البطالة التقليدية التي بسببها لايجد الكثير من المواطنين السكن والدخل الاقتصادي الذي يلبي حاجاتهم المتعددة .
ثانيا: بناء مجتمع اقتصادي نموذجي وتأهيل أفراده
هذا التأهيل يهدف لأن يكون جميع المواطنين منتجين وليسوا عاطلين يشكون الفقر باعتباره ظاهرة اجتماعية سلبية تتناقض مع قيم ومثل وثقافة الدولة المدنية الحديثة.
ثالثا: توفير المناخ الأمني والاستقرار النفسي لكل المواطنين
حيث أن الحاجة إلى الأمن ضرورة اجتماعية ونفسية لايمكن الاستغناء عنها في الدولة المدنية .
رابعا: تهيئة سبل التعبير عن حرية الرأي بشتى الطرق وفق ضوابط قانونية محددة ورسمية
وتكون حرية التعبير هذه مفتوحة ومتاحة في مجالات عديدة منها حق الاشتراك في تحديث السلطة التشريعية ترشيحا وانتخابا، وإبداء وجهة النظر عبر الصحافة الحرة وتفعيل سلوكية الاحتجاج والتظاهر والاجتماع وإقامة المؤتمرات والندوات، وتأسيس المنظمات والاتحادت والنقابات المدنية للدفاع عن الحقوق وممارسة عملية تثقيف أعضائها بضرروة المحافظة على مسؤولياتهم المهنية والاجتماعية لتطبيق قيم الثقافة المدنية.
خامسا: بناء المؤسسات التعليمية وتهيئة مستلزماتها لنشر المعرفة المهنية والثقافة العامة من أجل تنمية المواطنين معرفيا ومهنيا
ليس هنالك تقارب في مستوى العمل المهني والخصوصيات الثقافية والوعي بأنواعه المتعددة بين الفرد الأمي والفرد المتعلم؛ الذي يكون مؤثرا وفاعلا في تأدية واجباته تجاه نظرائه المواطنين بينما يبدو الفرد الأمي عاجزا أو قليل التأثير بالنسب لموقعه المهني في المجتمع سواء من حيث المهنة التي يمتهنها أو مستوى ثقله الثقافي والمعرفي.
فالبلدان المتقدمة في مجالات متعددة تطورت بفضل المتعلمين والعلماء ، أما البلدان المتخلفة فبقيت عاجزة عن مواكبة التطور لانخفاض نسبة المتعلمين فيها وارتفاع نسبة الأميين.
سادسا: بناء المؤسسات الصحية وتضمينها الوسائل التقنية الحديثة لمكافحة مختلف الأمراض والأوبئة
وبالتالي يتم توفير سبل الوقاية من الأمراض والأوبئة لتأمين الأمن الصحي والنفسي والمعنوي لأفراد المجتمع.
سابعا: بناء مؤسسات الحفاظ على البيئة وحمايتها
وتشمل التشجيع على تأسيس منظمات الدفاع عن البيئة وتوفير الدعم اللازم لها لتمارس دورها الإنساني في حماية البيئة وإصلاحها .
ثامنا: اعتماد الدولة نظام الضمان الاجتماعي
وهذه المنظومة الاجتماعية تمكن الدولة من توفير الرعاية لكبار السن والمعوقين والمتقاعدين في المجتمع.
تاسعا: أقامة نظاما اقتصاديا حرا يركز على الإنتاج والاستثمار
وفي هذا النظام الاقتصادي تكون للدولة سلطة اقتصادية ليست مطلقة بل تعمل
مشاركة مع مؤسسات وشركات قطاعها العام، إضافة إلى ممارستها لوظيفتها الإدارية بالإشراف على تطوير السوق المالية والمصارف وحمايتها من الاحتكار والأزمات والتضخم بكافة أنواعه عبر تنفيذ برامج مالية محددة.
لكن هذه الوظيفة لاتعني منع رجال الأعمال والقطاع الخاص والمختلط من المستثمرين والمنتجين من ممارسة نشاطاتهم الاقتصادية التجارية بصورة مستقلة شرط أن لا تمس النظام الاقتصادي العام.
عاشرا: تتبنى الدولة مبدأ الشفافية والمساءلة ومحاربة الفساد
وذلك من قبل أجهزة تؤسسها لمتابعة سياسات وزاراتها ووزرائها والمدراء العامين والموظفين الكبار والصغار واقتفاء آثار الفساد والمفسدين لتقديمهم إلى القضاء العادل لمحاسبتهم.
احدى عشر: تحجيم نطاق المؤسسة العسكرية تدريجيا والاكتفاء بماهو ضروري
تكون تلك الوظيفة فاعلة بهدف الوصول إلى مرحلة يتم فيها الاستغناء عن الخدمات العسكرية التقليدية بصورة شبه مطلقة مستقبلا، للابتعاد بالدولة وثقافتها ووظائفها عن العسكرة.
إثنا عشر: عدم السماح بالتداخل في الوظائف والحقوق بين السلطات
وهذه الوظيفة تكون فاعلة أكثر في منع التداخل بين المؤسسة العسكرية وسلطة الشرطة والأمن الداخلي باعتبار أن سلطتهما مدنية تعمل على توفير الأمن للدولة داخليا وتنظيمه ضمن قطاعها العام وكذلك القطاع الخاص.
إن سيادة الدولة لن تكتمل في أي حال من الأحوال إن لم تعمل على أداء هذه الوظائف بجودة عالية؛ لكي تضمن الحصول على اعتراف بأحقيتها من كافة مواطنيها؛ حتى تكون مؤسسة وطنية تستمد نفوذها وسلطتها الشرعية من خلال الدعم المادي والمعنوي الذي يقدمه لها مواطنوها، فالضرائب التي يقدمها المواطنون هي مثال واضح للدعم المادي، أما التعاون المعنوي مع الدولة من قبل المواطنين المخلصين في مجال مكافحة الجريمة والفساد المالي والإداري هو أيضا مؤشر إيجابي يشير بوضوح تام إلى تبلور جانب مهم في مؤسسة الدولة المدنية الناجحة.
…
يتبع
_______________